فأحبه حبا لأهل الصلاح وتعلق به رغبة في الفضيلة وتبعه حتى لا تفوته الفرصة. ولم يتأن في إظهار ولائه وحرصه عليه لما علم أنه إمامه.
أما الإمام فلم يفاجأ بأبي حمزة فاسمه مكتوب عندهم (عليهم السلام) في ديوان شيعتهم وانه من الناجين المسجلين في صحفهم.
فقد ورد أن علي بن أبي حمزة [الثمالي] وأبا بصير قالا: كان لنا موعد على أبي جعفر (عليه السلام) فدخلنا عليه أنا وأبو ليلى فقال: يا سكينة هلمي بالمصباح! فأتت بالمصباح ثم قال: هلمي بالسفط الذي في موضع كذا وكذا، قال: فأتته بسفط هندي أو سندي ففض خاتمه، ثم أخرج منه صحيفة صفراء، فقال علي: فأخذ يدرجها من أعلاها وينشرها من أسفلها حتى إذا بلغ ثلثها أور بعها نظر إلي فارتعدت فرائصي حتى خفت على نفسي، فلما نظر إلي في تلك الحال وضع يده على صدري فقال: أبرئت أنت؟ قلت: نعم جعلت فداك، قال: ليس عليك بأس ثم قال: ادن فدنوت، فقال لي: ما ترى؟ قلت: اسمي واسم أبي وأسماء أولادي أعرفهم، فقال: يا علي لولا أن لك ما عندي ما ليس لغيرك ما أطلعتك على هذا، أما انهم سيزادون على عدد ما هاهنا. قال علي بن أبي حمزة: فمكثت والله بعد ذلك عشرين سنة ثم ولد لي الأولاد بعدد ما رأيت في تلك الصحيفة (1).
وتتكرر زيارة الإمام (عليه السلام) للكوفة، ويتكرر اللقاء بأبي حمزة في مسجدها، فقد عرف شمائل الإمام وهديه، ولنرى كيف يصف لنا أبو حمزة الإمام زين العابدين ولقاءه به.
قال أبو حمزة: بينا أنا قاعد يوما في المسجد عند [الأسطوانة] السابعة، إذا برجل مما يلي أبواب كندة وقد دخل، فنظرت إلى أحسن الناس وجها وأطيبهم ريحا وأنظفهم ثوبا، معمم بلا طيلسان ولا ازار، عليه قميص ودراعة وفي رجليه نعلان عربيان، فخلع نعليه، ثم قام عند السابعة ورفع مسبحته حتى بلغتا شحمتي