تفسير أبي حمزة الثمالي - أبو حمزة الثمالي - الصفحة ٢٧٣
قال: ما هو؟ قال: زعموا أنك تقول: إن الله خلق العباد ففوض إليهم أمورهم. قال:
فسكت الحسن. فقال: أرأيت من قال الله له في كتابه: إنك آمن، هل عليه خوف بعد هذا القول منه؟ فقال الحسن: لا. فقال أبو جعفر (عليه السلام): اني أعرض عليك آية وأنهي إليك خطابا، ولا أحسبك الا وقد فسرته على غير وجهه، فان كنت فعلت ذلك فقد هلكت وأهلكت. فقال له: ما هو؟
قال: أرأيت حيث يقول: * (وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين) *.
يا حسن بلغني انك أفتيت الناس فقلت هي مكة. فقال أبو جعفر (عليه السلام) فهل يقطع على من حج مكة وهل يخاف أهل مكة، وهل تذهب أموالكم؟ قال: بلى.
قال: فمتى يكونون آمنين؟ بل فينا ضرب الله الأمثال في القرآن. فنحن القرى التي بارك الله فيها، وذلك قول الله عز وجل، فمن أقر بفضلنا حيث بينهم وبين شيعتهم القرى التي باركنا فيها، قرى ظاهرة، والقرى الظاهرة: الرسل، والنقلة عنا إلى شيعتنا، وفقهاء شيعتنا إلى شيعتنا.
وقوله تعالى: * (وقدرنا فيها السير) * فالسير مثل للعلم، سير به ليالي وأياما، مثل لما يسير من العلم في الليالي والأيام عنا إليهم، في الحلال والحرام، والفرائض والأحكام، آمنين فيها إذا أخذوا منه، آمنين من الشك والضلال، والنقلة من الحرام إلى الحلال، لأنهم أخذوا العلم ممن وجب لهم أخذهم إياه عنهم، بالمعرفة، لأنهم أهل ميراث العلم من آدم إلى حيث انتهوا، ذرية مصطفاة بعضها من بعض، فلم ينته الاصطفاء إليكم، بل إلينا انتهى، ونحن تلك الذرية المصطفاة، لا أنت ولا أشباهك يا حسن، فلو قلت لك - حين ادعيت ما ليس لك، وليس إليك:
يا جاهل أهل البصرة! لم أقل فيك إلا ما علمته منك، وظهر لي عنك، وإياك أن تقول بالتفويض فان الله عز وجل لم يفوض الأمر إلى خلقه، وهنا منه وضعفا، ولا أجبرهم على معاصيه ظلما (1).

(١) الاحتجاج: ج ٢، احتجاجات الإمام الباقر، ص 327.
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»