الإغاثة - حسن بن علي السقاف - الصفحة ١٢
فأقول: ضعف هذا الحديث بعض من لم يوافق الحديث مشربه بلا حجة، فلبس بذلك على بعض الطلبة البسطاء، وذهب هذا المضعف يحتج بأن هذا الحديث يعارض حديثا ثابتا في الصحيح وهو: (حديث الحوض) وفيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول يوم القيامة داعيا أمته إلى الحوض:
هلموا، فتضرب الملائكة بعض من أراد الورود على الحوض، فيقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لماذا تذودوهم؟! فتقول الملائكة: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فيقول صلى الله عليه وآله وسلم: سحقا، سحقا. انتهى الحديث بمعناه.
قال مضعف حديث عرض الأعمال: فكيف تقول الملائكة في الحديث الصحيح إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك يا رسول الله؟! فلو كانت الأعمال تعرض عليه لعرف ما صنعوا بعده. فالجواب على هذا الإشكال هو ما أجاب به الحافظ في فتح الباري (11 / 385) جامعا بين الحديثين ناقلا ذلك عن أربع من أكابر حفاظ الأمة وهم: النووي وابن التين والقرطبي والقاضي عياض وهو خامسهم حيث قال ما معناه ملخصا:
هؤلاء الذين يذادون عن الحوض هم المنافقون والذين ارتدوا عن الإسلام، فهؤلاء لا تعرض أعمالهم عليه في الدنيا لخروجهم من أمته حقيقة، وإن كانوا في الصورة يصلون ويتوضأون فيحشرون بالغرة والتحجيل، فإذا أبعدتهم الملائكة وقال لهم سحقا سحقا أطفأ الله تعالى غرتهم وتحجيلهم وأذهبه ساعتئذ. ا ه‍ من الفتح.
وحديث (حياتي خير لكم....) رواه البزار في مسنده كما في كشف الأستار عن زوائد البزار (1 / 397) بإسناد رجاله رجال الصحيح كما قال الحافظ نور الدين الهيثمي في المجمع (9 / 24) وقال الحافظ السيوطي في الخصائص الكبرى (2 / 281) سنده صحيح، وقال الحافظان العراقيان - الزين وابنه ولي الدين - في طرح التثريب (3 / 297): إسناد جيد، وطرح التثريب من آخر مؤلفات الحافظ الزين العراقي. وروى الحديث ابن سعد بإسناد حسن
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 8 9 10 11 12 13 14 15 16 18 ... » »»