المعلوم عند أهل العلم أن بعض الرواة يروي الحديث وما يتصل به كاملا، وبعضهم يختصر منه، بحسب الحاجة. والبخاري يفعل هذا أيضا، فكثيرا ما يذكر الحديث مختصرا أو يوجد عند غيره تاما. والذي ذكر القصة في رواية البيهقي إمام فذ يقول عنه أبو زرعة الدمشقي: قدم علينا رجلان من نبلاء الناس أحدهما وأرحلهما يعقوب بن سفيان (1) يعجز أهل العراق أن يرو مثله رجلا.
وتقديمه رواية عون (12) الضعيف على من زاد القصة، لون ثالث من التدليس والغش.
فإن الحاكم روى حديث الضرير من طريق عون مختصرا ثم قال: تابعه شبيب ابن سعيد الحبطي عن روح بن القاسم زيادات في المتن والإسناد، والقول فيه قول شبيب فإنه ثقة مأمون، هذا كلام الحاكم، وهو يؤكد ما تقرر عند علماء الحديث والأصول أن زيادة الثقة مقبولة، وأن من حفظ حجة على من لم يحفظ (13).
والألباني رأى كلام الحاكم لكن لم يعجبه لذلك ضرب عنه صفحا، وتمسك بأولوية رواية عون الضعيف عنادا وخيانة (14).
(ثالثا):
تبين مما أوردناه وحققناه في كشف تدليس الألباني وغشه أن القصة صحيحة جدا رغم محاولاته وتدليساته وهي تفيد جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد انتقاله، لأن الصحابي راوي الحديث، فهم ذلك، وفهم الراوي له قيمته العلمية، وله وزنه في مجال الاستنباط.
وإنما قلنا إن القصة من فهم الصحابي، على سبيل التنزل، والحقيقة أن ما فعله عثمان بن حنيف من إرشاده الرجل إلى التوسل، كان تنفيذا لما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، كما ثبت في حديث الضرير.