حياة المصنف مختصرة من سلك الدرر للمرادي هو إسماعيل بن محمد بن عبد الهادي بن عبد الغني الشهير بالجراحي (نسبة إلى أبي عبيدة بن الجراح أحد الصحابة العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم) الشافعي العجلوني المولد، الدمشقي المنشأ والوفاة، الشيخ العالم الهمام الحجة الرحلة العمدة الورع العلامة، كان عالما بارعا صالحا مفيدا محدثا مبجلا قدوة سندا خاشعا، له يد في العلوم لا سيما الحديث والعربية وغير ذلك مما يطول شرحه ولا يسع في هذه الطروس وصفه، له القدم الراسخة (1) في العلوم واليد الطولى في دقائق المنطوق والمفهوم كما قيل:
حدث عن البحر لا عتب ولا حرج * وما تشاء من الاجلال قل وقل ولد بعجلون في سنة سبع وثمانين بعد الألف تقريبا، وسماه والده أولا باسم محمد مدة من الزمان لا تزيد على سنة، ثم غير اسمه إلى مصطفى نحو ستة أشهر ثم غير اسمه بإسماعيل واستقر الأمر بهذا الاسم.
ثم لما بلغ سن التمييز شرع في قراءة القرآن العظيم حتى حفظه عن ظهر قلبه في مدة يسيرة، ثم قدم إلى دمشق وعمره نحو ثلاث عشرة سنة تقريبا لطلب العلم وذلك في منتصف شوال سنة ألف ومائة، واشتغل على جماعة أجلاء بالفقه والحديث والتفسير والعربية وغير ذلك إلى أن تميز عن أقرانه بالطلب، ومن أسباب توجهه لطلب العلم أنه اما كان في بلاده وكان صغيرا يقرأ في المكتب رأى في عالم الرؤيا أن رجلا ألبسه جوخة خضراء مركبة على فرو أبيض في غاية الجودة والبياض، وقد غمرته لكونها سابغة على يديه ورجليه. فأخبر والده بالمنام فحصل له بذلك السرور التام وقال له إن شاء الله يجعل لك يا ولدي من العلم الحظ الوافر ودعا له بذلك.