وقد ترجمه الشيخ سعيد السمان في كتابه وقال في وصفه: خاتمة أئمة الحديث ومن ألقت إليه مقاليدها بالقديم والحديث اقتدح زناده فيه فأضاء وشاع حتى ملأ الفضاء آخذا بطرفي العلم والعمل متسنما ذروة عن غيره بعيدة الأمل يقطع آناء الليل تضرعا وعبادة ويوسع أطراف النهار قراءة وإفادة لا يشغله عن ترداده النظر في دفاتره مرام ولا عن نشر طيبها نقض ولا إبرام مع ورع ليس للرياء عليه سبيل وغض بصر عما لا يعني من هذا القبيل، وهو وإن كانت عجلون تربة ميلاده فإن الشام تشرفت بطارف فضله وتلاده فقد طلع في جبهتها شامة وأرهف منصل فكرته بها وشامه حتى صار هلاله بدرا ومنازله طرفا وقلبا وصدرا فاستحث عزمه نحو الروم وقصد بها إنجاز ما يروم فأحلته عن السمع والبصر وجنى غصن أمانيه واهتصر وعلى ما به قوام معاشه اقتصر فآب ولم يخب مسعاه وطرف الدهر بمقلة الارتقاء يرعاه فأظلته قبة النسر المنيفة وصار لمن سلفه خليفة وأي خليفة فتغص حلقته بالخاص والعام فيملي على فتح الباري ما يوضح خفايا البخاري بناطقة تسحر العقول بأدائها، وتسخر بالعقود ولألائها ووجاهة ملء البصيرة والبصر على مثلها الوقار اقتصر، وخلق ما شابه انقباض وسجية لم تنقد باعراض، ولم يزل نسيج وحده تأليفا وتقريرا وحديثا حسنا تسطيرا وتحريرا حتى شرب الكأس المورود وذوت من روض محاسنه تلك الورود فتنفذ عليه البصر والدمع وعمى البصر والسمع بلل الله بالرحمة ثراه فهو ممن أخذت عنه الأسناد وأمدني بقراءتي عليه بما ينفع إن شاء الله يوم التناد وله شعر موزون يتسلى به الواله المحزون. انتهى مقاله.
ولصاحب الترجمة أشعار غير التي ذكرناها وبالجملة فهو أحد الشيوخ الذين لهم القدم العالية (2) في العلوم والرسوخ.
وكانت وفاته بدمشق في محرم الحرام افتتاح سنة اثنتين وستين ومائة وألف ودفن بتربة الشيخ أرسلان رضي الله عنه.