فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٦ - الصفحة ٨٨
بذلك، وقد عد من مقامات الأولياء مشاركة أحدهم لمن بلغه أنه في ضيق أو بلاء أو محنة حتى أنه يشارك المرأة في ألم الطلق والمعاقب في ألم الضرب المقارع، ويقال إن الفضيل بن عياض كان على هذا وصاحب هذا المقام لا تطلع الشمس ولا تغرب إلا وبدنه ذائب كأنه شرب سما. - (ك) في الرقاق (عن ابن مسعود) سكت عليه المصنف فأوهم أنه صالح وهو غفول عن تشنيع الذهبي على الحاكم بأن إسحاق بن بشر أحد رجاله عدم وقال: وأحسب أن الخبر موضوع، وأورده في الميزان في ترجمة إسحاق هذا من حديثه وقال: كذبه ابن المديني والدارقطني، ومن ثم حكم ابن الجوزي عليه بالوضع.
8454 - (من أصبح مطيعا لله في) شأن (والديه) أي أصليه المسلمين (أصبح له بابان مفتوحان من الجنة فإن كان واحدا فواحد) قال الطيبي: فيه أن طاعة الوالدين لم تكن طاعة مستقلة بل هي طاعة الله وكذا العصيان والأذى وهي من باب قوله * (إن الذين يؤذون الله ورسوله) [الأحزاب: 57] ومن الجنة يجوز كونه صفة أخرى لقوله بابان وكونه حالا من الضمير في مفتوحان، وقوله [ص 68] فواحد أي فكأن الباب المفتوح واحد، وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته ومن أمسى عاصيا لله في والديه أصبح له بابان مفتوحان من النار وإن كان واحدا فواحد قال رجل: وإن ظلماه قال: وإن ظلماه وإن ظلماه وإن ظلماه اه‍ بلفظه. قال الطيبي: وأراد بالظلم ما يتعلق بالأمور الدنيوية لا الأخروية، وفيه أن طاعة الوالدين لم تكن طاعة مستقلة بل هي طاعة الله وكذا العصيان والأذى. - (ابن عساكر) في التاريخ (عن ابن عباس) قال في اللسان: رجاله ثقات أثبات غير عبد الله بن يحيى السرخسي فهو أفقه، اتهمه ابن عدي بالكذب.
8455 - (من أصبح منكم آمنا في سربه) بكسر السين على الأشهر أي في نفسه وروي بفتحها أي في مسلكه وقيل بفتحتين أي في بيته (معافى في جسده) أي صحيحا بدنه (عنده قوت يومه) أي غذاؤه وعشاؤه الذي يحتاجه في يومه ذلك، يعني من جمع الله له بين عافية بدنه وأمن قلبه حيث توجه وكفاف عيشه بقوت يومه وسلامة أهله فقد جمع الله له جميع النعم التي من ملك الدنيا لم يحصل على غيرها فينبغي أن لا يستقبل يومه ذلك إلا بشكرها بأن يصرفها في طاعة المنعم لا في معصية ولا يفتر عن ذكره (فكأنما حيزت) بكسر المهملة (له الدنيا) أي ضمت وجمعت (بحذافيرها) أي بجوانبها أي فكأنما أعطي الدنيا بأسرها، ومن ثم قال نفطويه:
إذا ما كساك الدهر ثوب مصحة * ولم يخل من قوت يحلى ويعذب فلا تغبطن المترفين فإنه * على حسب ما يعطيهم الدهر يسلب
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست