فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٦ - الصفحة ٤٦٣
أعور أو هو كناية عن كون قبولها يعود عليه بالذم والعيب أي إذا كان حاكما قال ابن الأثير: يقولون للردئ من كل شئ من الأخلاق والأمور أعور ومنه قول أبي طالب لأبي لهب لما اعترض على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في إظهار الدعوة يا أعور ما أنت وهذا ولم يكن أبو لهب بأعور (فر عن ابن عباس) وفيه عبد الوهاب بن مجاهد قال الذهبي: قال النسائي وغيره: متروك.
9603 - (الهرة لا تقطع الصلاة لأنها من متاع البيت) زاد في رواية للطبراني في الأوسط لن تقذر شيئا ولا تنجسه وفيه جواز اقتناء الهرة مع ما يكون منها من تنجس وإفساد (ه ك عن أبي هريرة) قال عبد الحق: فيه عبد الرحمن بن أبي الزناد يكتب حديثه على ضعفه قال ابن القطان: فيه أيضا من لا يعرف اه‍. وخالفهما مغلطاي فقال: لا بأس به وفي الميزان عبد الرحمن أحد العلماء الكبار ووثقه مالك وضعفه ابن معين والنسائي وقال يحيى وأبو حاتم: لا يحتج به وقال أحمد: مضطرب الحديث قال: ومن مناكيره هذا الخبر.
9604 - (الهوى مغفور لصاحبه) بالقصر ما يهواه العبد أي يحبه ويميل إليه فحقيقته شهوة النفس وهو ميلها لملائمها ويستعمل عرفا في الميل إلى خلاف الحق وهو المراد هنا * (ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله) * وذهب بعضهم إلى أن المراد العشق أي لا يؤاخذ به العاشق لأنه فعل الله بالعبد بغير سبب لأنه وإن كان مبدأه النظر فليس موجبا له قال أفلاطون: لا أعلم ما الهوى غير أني أعلم أنه جنون إلهي لا محمود صاحبه ولا مذموم فقال يحيى بن معاذ: لو وليت خزائن العذاب ما عذبت عاشقا قط لأنه اضطرار لا اختيار ولهذا جاء في الخبر من هم بسيئة لا تكتب عليه لأنه شبيه الضروري ولذلك نص في الخبر المار على أن من عشق فعف فكتم فمات فهو شهيد لكنه علق الشهادة بشرطين كما تقرر وعلق عدم المؤاخذة هنا بشرطين أشار إليهما بقوله (ما لم يعمل به) فإذا عمل به ما يؤدي إلى الوقوع في محظور كنظر ومجالسة ودنو من مواضع الاستراحة بنوع من التأويل صار ملوما (أو يتكلم) بما فيه راحة قلب ومتابعة هوى نفسه وإظهار حاله إلى أقرانه وبثه حزنه إلى إخوانه أو ترنم بشعر في خلاء أو سكب دمع في ملأ فهو ملام وإن كان في غير محرم فما لم يعمل به يغفر له ما كان من الهنات في طلب الاستراحة ويستحق وعد الله بقوله * (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى) * لكن رتبة الشهادة سنية لا تنال إلا بفضيلة من الله كاملة أو بلية شاملة وإنما تقارب أوصاف القتيل في سبيل الله أوصاف من عف لإيثار ترك لذة النفس كما تعرض للقتل في سبيل الله معرضا عن نفسه باذلا مهجته فالأول جاهد نفسه في مخالفة هواها إيثارا لمحبة القديم على الحديث وعلم مما سبق أن من عف وعجز عن الكتمان شمله الوعد بالجنان قال بعض
(٤٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 ... » »»
الفهرست