فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٦ - الصفحة ٣٧١
جميعا كان الولد منها ومنه) أي بين الشبهين. والنطفة: القليل من الماء، سمى به ماء الآدمي لقلته (أبو الشيخ [ابن حبان]) ابن حبان (في) كتاب (العظمة عن ابن عباس).
9266 - (نظر الرجل) يعني الإنسان، ولو أنثى: وخص الرجل لكون الخطاب مع الرجل غالبا (إلى أخيه) أي في الدين (على شوق) منه إليه (خير) أي أكثر أجرا (من اعتكاف سنة في مسجدي هذا) يعني مسجد المدينة. قال الحكيم: فالاعتكاف في مسجده صلى الله عليه وسلم مضاعف، لتضعيف الصلاة، وكما أن الصلاة بمسجده تعدل ألفا: فكذا اعتكاف يوم فيه بألف في غيره، فجعل هذا النظر على شوق منه خير من الاعتكاف ثم، وذلك لأن المعتكف غايته أنه حبس نفسه على الانبساط مقبلا على ربه في مسجد نبيه عليه الصلاة والسلام مهبط الوحي، والنظر على شوق أكثر من هذا، فإنه لما انتبه بقلبه واشتعل نور اليقين فيه عرف ربه وانكشف له الغطاء عن جلاله وجماله واشتاق إليه، فلم يزل يدوم له الشوق حتى قلق بالحياة وضاق بها ذرعا، فإذا نظر إلى الكعبة استروح إليها لكونها بنيته وإلى القرآن استراح إليه لكونه كلامه، وإلى أخيه استراح المشاهدة نور الجلال والجمال الذي أشرق في صدره (الحكيم) الترمذي (عن ابن عمرو) بن العاص، وهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ورواه ابن لآل والديلمي باللفظ المزبور عن ابن عمر.
9267 - (نعم) كلمة مدح (الإدام) بكسر الهمزة ما يؤتدم به (الخل) لأنه سهل الحصول، قامع للصفراء، نافع لأكثر الأبدان. واللام فيه للجنس، فالخبر حجة في أن ما خلل من الخمر حلال طاهر: أي بشرطه المعروف في الفروع، وقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يحبه ويشربه ممزوجا بالعسل، وذلك من أنفع المطعومات. قال ابن العربي: ولذلك جمعهما الأطباء وجعلوهما أصل المشروبات، ولم يكن في صناعة الطب شراب سواه، ثم حدث عند المتأخرين تركيب آخر ولم يكن عند من تقدم، قال: ولم يكن عند الأطباء إلا السكنجبين، فلما كان زمان الخلفاء دبروا الأشربة وحركوها عنه، والأول [ص 286] أقوى، وأخرج الحكيم أن عامة أدم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بعده كان الخل، ليقطع شهوة الرجال. وأخرج ابن عساكر عن أنس مرفوعا: من تأدم بالخل وكل الله له ملكين يستغفران الله له إلى أن يفرغ، قال في اللسان: ورواته ثقات غير الحسن بن علي الدمشقي، واستفيد من الاقتصار عليه في الأدم: مدح الاقتصاد ومنع الاسترسال مع النفس في حلاوة الأطعمة. قال ابن القيم: هذا ثناء عليه بحسب الوقت، لا لتفضيله على غيره، لأن سببه أن أهله قدموا له خبزا، فقال: ما من أدم؟ قالوا:
ما عندنا إلا خلا، فقال ذلك جبرا لقلب من قدمه وتطييبا لنفسه، لا تفضيلا له على غيره، إذ لو حصل نحو لحم أو عسل أو لبن كان أحق بالمدح (حم م 4) في الطعام (عن جابر) بن عبد الله.
وسببه أن جابر دخل عليه نفر من الصحابة فقدم إليهم خبزا وخلا، فقال: كلوا، فإني سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول: فذكره (م ن عن عائشة) وفي رواية أحمد عن جابر
(٣٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 ... » »»
الفهرست