9260 - (نصرت) يوم الأحزاب وكانوا اثني عشر ألفا حين حاصروا المدينة (بالصبا) بفتح الصاد مقصورا: الريح التي تجئ من ظهرك إذا استقبلت القبلة وتسمى القبول - بفتح القاف - لأنها تقابل باب الكعبة وفي التفسير: إنها التي حملت ريح يوسف إلى يعقوب قبل السير إليه فإليها يستريح كل محزون، فأرسلت عليهم الصبا في ليلة شاتية فسفت التراب عليهم وأخمدت نارهم وقلعت خيامهم فانهزموا (وأهلكت) بضم الهمزة وكسر اللام (عاد) قوم هود (بالدبور) بفتح الدال تجئ من قبل الوجه إذا استقبلت القبلة فأتت تقلع الشجر وتهدم البيوت وترفع الظعينة بين السماء والأرض حتى ترى كأنها جرادة وترميهم بالحجارة فتدق أعناقهم. ومن لطيف المناسبة أن القبول نصرت أهل القبول، والدبور أهلكت أهل الإدبار، وفيه تفضيل بعض المخلوقات على بعض، وإخبار المرء عن نفسه بما فضله الله به على جهة التحديث بالنعمة والشكر - لا الفخر - والإخبار عن الأمم الماضية وأهلها (حم ق عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا النسائي في التفسير.
9261 - (نصرت يوم الأحزاب بالصبا) في غزوة الخندق (وكانت عذابا على من كان قبلي) فقد هلك بها عاد وغيرهم. وهذه الريح قد سخرت لسليمان عليه السلام أيضا * (غدوها شهر ورواحها شهر) *، لكن معجزة نبينا أظهر، لأن تلك سخرت لذات مولانا سليمان عليه السلام، وهذه سخرت لصفة من صفات سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: هيئته، فتلك إنما كانت تسير بأمر سليمان عليه السلام، وهذه تسير من غير توسط أمر من نبينا عليه الصلاة والسلام، فهو من تشبيه الأعلى بالعلي، كما في: كما صليت على إبراهيم (الشافعي) في مسنده (عن محمد بن عمر) بن علي بن أبي طالب (مرسلا) هو في التابعين متعدد، فكان ينبغي تمييزه. وأخرج الترمذي في العلل عن ابن عباس قال: أتت الصبا الشمال فقالت: مر بنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، فقالت الشمال: إن الحرة لا تسري بالليل، فكانت الريح التي نصر بها الصبا.
9262 - (نصف ما يحفر لأمتي من القبور من العين) هذا بظاهره يناقض قوله في الخبر السابق ثلث منايا أمتي من العين، وقد يجاب بأنه أراد بكل منهما التقريب لا التحديد، والنصف يقرب من الثلث، والمراد نحوهما وما بينهما، أو أنه أطلق النصف والثلث غير مريد بهما حقيقتهما بل إعلاما بأن تأثير العائن في الناس بحيث يفضي إلى التلف بالكلية أمر كثير جدا أو أنه أعلم أولا بالقليل، ثم أوحي إليه بالكثير (طب عن أسماء بنت عميس) قال الهيثمي: وفيه علي بن عروة الدمشقي وهو كذاب، وقال الذهبي: قال ابن حبان: يضع الحديث.