فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٦ - الصفحة ٣٦٣
يطلقون الموت ويريدونه به اه‍. وقال الغزالي: أراد المسلم حقا المؤمن صدقا الذي سلم المسلمون من لسانه ويده ويتحقق فيه أخلاق المؤمنين ولم يدنس من المعاصي إلا باللمم والصغائر فالموت يطهره منها ويكفرها بعد اجتنابه الكبائر وإقامته الفرائض (حب هب) وكذا الخطيب في تاريخه كلهم (عن أنس) بن مالك، قال ابن العربي: حديث صحيح، وقال الحافظ العراقي في أماليه: ورد من طرق يبلغ بها درجة الحسن وزعم الصغاني كابن الجوزي وابن طاهر وغيرهم وضعه قال ابن حجر: ممنوع مع وجود هذه الطرق وقد جمع شيخنا العراقي طرقه في جزء والذي يصح في ذلك خبر البخاري الطاعون كفارة لكل مسلم.
9247 - (الملائكة شهداء الله في السماء وأنتم) أيها الأمة (شهداء الله في الأرض) قاله لما مر بجنازة فأثنوا عليها شرا فقال: وجبت ثم ذكره وقد مر غير مرة (ن عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته.
9248 - (الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها) قال ابن حبان: أراد بثيابه أعماله من خير وشر من قبيل * (وثيابك فطهر) * لتصريح الأخبار ببعث الناس عراة اه‍ وأخذ بظاهره الخطابي وقال: لا يعارضه بعث الناس عراة لأن البعض يحشر عاريا والبعض كاسيا أو يخرجون من قبورهم بثيابهم ثم تتناثر عنهم قال التوربشتي: وقد كان في الصحابة رضوان الله عليهم من يقصر فهمه في بعض الأحاديث عن المعنى المراد والناس متفاوتون في ذلك فلا يعد أمثال ذلك عليهم وقد سمع عدي بن حاتم * (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) * فعمد إلى عقالين أسود وأبيض فوضعهما تحت وسادته - الحديث - وقد رأى بعضهم الجمع بين الحديثين فقال: البعث غير الحشر فالبعث بثياب والحشر بدونها قال: ولم ينصع هذا القائل شيئا فإنه ظن أنه نصر السنة وقد ضيع أكثر مما حفف إنه سعى في تحريف سنن كثيرة ليسوي كلام أبي سعيد وقد روينا عن أفضل الصحب أنه أوصى أن يكفن في ثوبيه وقال: إنما هما للمهل والتراب ثم إنهم ليس لهم [ص 280] أن يحملوا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم يبعث في ثيابه على الأكفان لأنها بعد الموت تبلى اه‍. وتعقبه القاضي فقال: العقل لا يأبى حمله على ظاهره حسبما فهم منه الرازي إذ لا يبعد إعادة ثيابه البالية كما لا يبعد إعادة عظامه النخرة فإن الدليل الدال على جواز إعادة المعدوم لا تخصيص له بشئ دون شئ غير أن عموم قوله عليه الصلاة والسلام يحشر الناس حفاة عراة حمله جمهور أهل المعاني وبعثهم على أنهم أولوا الثياب بالأعمال التي يموت عليها من الصالحات والسيئات والعرب تطلق الثياب وتستعير بها للأعمال فإن الرجل يلابسها ويخالطها كما يلابس الملابس، قال الراجز:
لكل دهر قد لبست أثوبا * حتى اكتسى الرأس قناعا أشيبا اه‍.
(٣٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 ... » »»
الفهرست