فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٦ - الصفحة ٣٥١
لأن الأذى بهما أغلب وقدم اللسان لأكثرية الأذى به ولكونه المعبر عما في الضمير وعبر به دون القول ليشمل من أخرج لسانه استهزاء وباليد دون بقية الجوارح ليدخل اليد المعنوية كالاستيلاء على حق الغير ظلما وأما إقامة الحد والتعزير فبالنظر إلى المقصود الشرعي إصلاح ولو مآلا لا أبدا، وفيه من أنواع البديع جناس الاشتقاق. (تنبيه) قال القيصري: الإسلام مقام عظيم وحال شريف من تحقق به في الدنيا فحاله حال أهل الجنة في العقبى ومعناه الانقياد للأوامر وترك الاستعصاء لها والإمساك عن إيذاء من دخل في الإسلام من جميع الخلق ونفع أهله وكف الأذى عنهم. (م عن جابر) قضية صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه وهو ذهول بل خرجه الشيخان معا باللفظ المزبور من حديث ابن عمر كما ذكره المصنف نفسه في الدرر وانفرد مسلم بروايته عن جابر قال المصنف: الحديث متواتر ومن جوامع الكلم.
9207 - (المسلم) الكامل قال الكمال: نحو زيد الرجل أي الكامل في الرجولية، وقال الطيبي:
التعريف في المسلم والمؤمن للجنس (من سلم المسلمون من لسانه ويده) بأن لا يتعرض لهم بما حرم من دمائهم وأموالهم وأعراضهم قدم اللسان لأن التعرض به أسرع وقوعا وأكثر وخص اليد لأن معظم مزاولة الأفعال بها لا يقال إذا سلم المسلمون منه يلزم أن يكون مسلما كاملا وإن لم يأت بأركان الإسلام المبني عليها لأنا نقول هذا ورد على سبيل المبالغة تعظيما لترك الإيذاء كأن ترك الإيذاء هو نفس الإسلام الكامل وهو محصور فيه على سبيل الادعاء للمبالغة (والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم) يعني ائتمنوه وجعلوه أمينا عليها لكونه مجربا مختبرا في حفظها وعدم الخيانة فيها قال الطيبي:
وذكر المسلم والمؤمن بمعنى واحد تأكيدا وتقريرا لكنه لم يذكر في الثانية ما يدل على ما يثمر اللسان من البذاء أو البهتان لأن آفة اللسان ظاهرة وآفة اليد مفتقرة إلى البيان قال القاضي: فمن لم يراع حكم الله في ذمام المسلمين والكف عنهم لم يكمل إسلامه ومن لم يكن له جاذبة نفسانية إلى رعاية حق الحق وملازمة العدل بينه وبينهم فلعله لا يراعى ما بينه وبين ربه فيخل بإيمانه (حم ت ن ك عن أبي هريرة) لكن في رواية الحاكم زيادة وهي والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب.
9208 - (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) فإيذاء المسلم من نقصان الإسلام والإيذاء ضربان ضرب ظاهر بالجوارح كأخذ المال بنحو سرقة أو نهب وضرب باطن كالحسد والغل والبغض والحقد والكبر وسوء الظن والقسوة ونحو ذلك فكله مضر بالمسلم مؤذ له، وقد أمر الشرع بكف النوعين من الإيذاء وهلك بذلك خلق كثير (والمهاجر) أي هجرة تامة فاضلة (من هجر) أي ترك
(٣٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 ... » »»
الفهرست