فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٦ - الصفحة ١٥٤
8639 - (من حفظ على أمتي) يعني نقل إليهم بطريق التخريج والإسناد على ما سيجئ (أربعين حديثا من السنة) صحاحا أو حسانا قيل أو ضعافا يعمل بها في الفضائل (كنت له شفيعا وشهيدا يوم القيامة) وفي رواية كتب في زمرة العلماء وحشر في زمرة الشهداء وفي رواية بعثه الله يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء قال الأصفهاني: واختلف في هذه فذهب بعضهم إلى أنها أربعين من أحاديث الأحكام وذهب بعضهم إلى أن الشرط أن تكون خارجة عن الطعن سليمة من القدح كيفما كانت وذهب آخرون إلى أنها أحاديث على مذهب الصوفية فيما يتعلق بآداب النفس والمعاملة وذهب بعضهم إلى أنها أحاديث تصلح للمتقين وتوافق حال المتبصرين وكلها صواب والمرجع إلى حقيقة يقين العبد وما أعد الله لأهل طاعته من الثواب في دار الحساب وكل من ذهب إلى واحد من هذه الأقوال فحافظ عليه بجد واجتهاد وقام به بمعرفة ورشاد نال من الله ما وعده رسوله يوم المعاد ووجه إيثار هذا العدد بذلك أن الأربعين أقل عدد له ربع عشر صحيح فكما دل حديث الزكاة على تطهير ربع العشر الباقي فكذا العمل بربع عشر الأربعين يخرج باقيها عن كونه غير معمول به فخصت بالذكر إشارة لذلك. - (عد عن ابن عباس) قال النووي: طرقه كلها ضعيفة وقال الزين العراقي: رواه أيضا ابن عبد البر في العلم من حديث ابن عمر وضعفه وقال العلائي: تفرد به إسحاق بن نجيح الملطي قال أحمد وابن معين: كذاب وقال ابن عدي: وضاع وقال صالح: هذا الحديث باطل وقال البيهقي في الشعب: بين مشهور بين الناس وليس إسناده بصحيح، وقال ابن عساكر: الحديث روي عن علي وعمر وأنس وابن عباس وابن مسعود ومعاذ وأبي أمامة وأبي الدرداء وأبي سعيد بأسانيد فيها كلها مقال ليس للتصحيح فيها مجال لكن كثرة طرقه تقويه وأجود طرقه خبر معاذ مع ضعفه.
8640 - (من حفظ على أمتي أربعين حديثا من سنتي) ونقلها إليهم (أدخلته يوم القيامة في شفاعتي (1) فإن لم ينقلها إليهم لم يشمله هذا الوعد وإن حفظ عن ظهر قلب إذ المدار على نفع الأمة ولم يوجد واستنباط معنى من النص يخصصه سائغ ثم إن كان نقلها بطريق الإسناد والاجتهاد كما فعل البخاري وأضرابه فهو أعلى درجات النقل وإن كان يأخذها من دواوين أولئك كنقل المصنف ونحوه ففي دخوله في هذا الوعد وقفة إذ لم يحفظ هو على الأمة وإنما حافظه صاحب الكتاب المدون الذي تعب في تخريجه وبتسليم دخوله فليس كدخول المسند للمجتهد وإنما له أجر إفراد الحديث من ذلك الديوان
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»
الفهرست