فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ٦٨
الضحك تميت القلب) وفي رواية البيهقي بدله فإن في كثرة الضحك فساد لقلب وإذا فسد القلب فسد الجسد كله.
(تنبيه) الضحك المميت للقلب ينشأ من الفرح والبطر بالدنيا وللقلب حياة وموت فحياته بدوام الطاعة وموته بإجابة غير الله من النفس والهوى والشيطان، بتواتر أسقام المعاصي تموت الأجسام بأسقامها واقتصر من أسباب موته على كثرة الضحك وهو ينشأ عن جميعها لانتشائه من حب الدنيا وحبها رأس كل خطيئة بنص الخبر أوحى الله إلى داود ومن عصاني فقد مات ومن أسباب موت القلب الأشر والبطر والفرح وإذا مات لم يستجب له الله إذا دعاه. (تنبيه) المأمور بالكف عن كثرة الضحك إنما هو أمثالنا أما من ذاق مشرب القوم من الأحباب فليس مرادا بهذا الخطاب، قال بعض العارفين: جلس ذو النون للوعظ والناس حوله يبكون وشاب يضحك فزجره، فأنشأ يقول:
كلهم يعبدون الله من خوف النار * ويرون النجاة حظا جزيلا ليس لي في الجنان والنار رأي * أنا لا أبتغي بحبي بديلا فقيل له: فإن طردك فما تفعل؟ قال:
فإذا لم أجد من الحب وصلا * رمت في النار منزلا ومقيلا ثم أزعجت أهلها ببكائي * بكرة في ضريعها وأصيلا معشر المشركين نوحوا علي * أنا عبد أحببت مولى جليلا لم أكن في الذي ادعيت صدوقا * فجزائي منه العذاب الوبيلا وقال ابن عربي: خدمت امرأة من المخبآت العارفات تسمى فاطمة بنت المثنى القرطبي خدمتها وسنها فوق خمس وتسعين سنة وكنت أستحي أنظر إليها من حمرة خديها وحسن نغمتها وجمالها كأن عمرها دون عشرين سنة وكانت تضرب بالدف وتفرح وتقول اعتنى بي وجعلني من أوليائه واصطنعني لنفسه فكيف لا أفرح ومن أنا حتى يختارني على ابن جني. (هب) من حديث أبي رجاء وكذا القضاعي (عن أبي هريرة) قال العلائي: وأبو رجاء متكلم فيه وأقول: فيه أيضا يزيد بن سنان أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال أبو داود: يرى بالقدر وبه يعرف أن العامري لم يصب في زعمه لصحته.
6423 - (كنت أول الناس في الخلق وآخرهم في البعث) بأن جعله الله حقيقة تقصر عقولنا عن معرفتها وأفاض عليها وصف النبوة من ذلك الوقت ثم لما انتهى الزمان بالاسم الباطن في حقه إلى وجود جسمه وارتباط الروح به انتقل حكم الزمان إلى الاسم الظاهر فظهر بكليته جسما وروحا وأما قول الحجة المراد بالخلق التقدير لا الإيجاد فإنه قبل ولادته لم يكن موجودا فتعقبه السبكي بأنه لو كان كذلك لم يختص. (ابن سعد) في الطبقات (عن قتادة مرسلا) ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مسندا لأحد وهو غفول فقد خرجه أبو نعيم في الدلائل وابن أبي حاتم في تفسيره وابن لآل والديلمي كلهم من حديث سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث ثم إن فيه بقية وقد مر الكلام فيه وسعيد بن بشير ضعفه ابن معين وغيره.
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»
الفهرست