فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ٧٩
والمطلق لا يفيد الحصر فإن قلت بل الحكم فيه كلي إذ اللام في الكبائر للاستغراق قلت لو كانت للاستغراق لا للجنس كان المعنى كل واحدة من هذه الخصال وهو فاسد أما في رواية اجتنبوا السبع الموبقات فإنه لا يستدعي عدم اجتناب غيرها ولا أن غيرها غير موبق لا بلفظه ولا بمعناه ومفهوم اللقب ضعيف مزيف. (البزار) في مسنده (عن ابن عباس) قال: إن رجلا قال: يا رسول الله ما الكبائر فذكره. رمز المصنف لحسنه قال الزين العراقي في شرح الترمذي: إسناده حسن.
6452 - (الكبائر الإشراك بالله) أي مطلق الكفر وتخصيص الشرك لغلبته في الوجود حالتئذ واحتمال إرادة تخصيصه رد بأن بعض الكفر أقبح من الشرك وهو التعطيل لأنه نفي مطلق والإشراك إثبات مقيد (وقذف المحصنة وقتل النفس المؤمنة والفرار يوم الزحف) أي الإدبار للفرار يوم الازدحام للقتال والزحف الجماعة الذين يزحفون أي يمشون بمشقة (وأكل مال اليتيم وعقوق الوالدين المسلمين) مصدر عق والده يعق عقوقا فهو عاق أذاه وعصاه وخرج عليه (وإلحاد بالبيت) أي ميل عن الحق في الكعبة أي حرمها (قبلتكم أحياءا وأمواتا) فيه انقسام الذنوب إلى كبير وأكبر فيفيد ثبوت الصغائر لأن الكبيرة بالنسبة إليها أكبر منها وقد فهم الفرق بين الكبيرة والصغيرة من مدارك الشرع وقد جاء في عدة أخبار ما يكفر الخطايا ما لم يكن كبائر فثبت به أن من الذنوب ما يكفر بالطاعة ومنها ما لا يكفر وذلك عين المدعي ولهذا قال حجة الإسلام: إنكار الفرق بين الكبيرة والصغيرة لا يليق بفقيه واعلم أن هذا الحديث قد روى بأتم من هذا ولفظه الكبائر تسع الشرك بالله وقتل مؤمن بغير حق وفرار يوم الزحف وأكل مال اليتيم وأكل الربا وقذف المحصنة وعقوق الوالدين المسلمين واستحلال البيت الحرام قبلتكم ما من رجل يموت لم يعمل هؤلاء الكبائر ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة إلا كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في دار أبوابها مصاريع من ذهب قال الذهبي في الكبائر: إسناده صحيح ووضع عليه علامة أبي داود والنسائي فكان ينبغي للمؤلف إيثاره.
- (عق عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لصحته وفيه عبد الحميد بن سنان قال في الميزان: لا يعرف ووثقه بعضهم وقال البخاري: حديثه عن ابن عمر فيه نظر.
6453 - (الكبر من بطر الحق) أي فعل من بطره أي دفعه وأنكره وترفع عن قبوله (وغمط الناس) بطاء مهملة كذا بخط المؤلف وهي رواية مسلم وفي رواية الترمذي غمص بغين معجمة وصاد مهملة بدل الطاء قال القاضي: فالمعنى واحد قال الغزالي: وقوله غمص الناس أي ازدراهم واحتقرهم وهم عباد الله أمثاله أو خير منه وبطر الحق رده وقال القاضي: البطر الحيرة والمعنى التحير في الحق والتردد فيه أو معناه التكبر عن الحق وعدم الالتفات إليه أو معناه إبطاله وتضييعه من قولهم ذهب دم فلان بطرا أي هدرا وغمط الناس احتقارهم والتهاون بحقوقهم والمتكبر منازع لله في صفته الذاتية التي
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»
الفهرست