فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ٧١
طول له) أي على الفقراء (فكلوا ما بدا لكم) أي مدة بدو الأكل لكم ولو فوق ثلاث (وأطعموا وادخروا) فإنه لم يبق تحريم ولا كراهة فيباح الآن الادخار فوق ثلاث والأكل متى شاء مطلقا قال القرطبي: وهذا الحديث ونحوه من الأحاديث الدافعة للمنع لم يبلغ من استمر على النهي كعلي وعمر وابنه لأنها أخبار آحاد لا متواترة وما هو كذلك يصح أن يبلغ بعض الناس دون بعض قال النووي:
وهذا من نسخ السنة بالسنة قال ابن العربي: هذا من ناسخ الحديث ومنسوخه وهو باب عسر أعسر من القرن وقد كان أكلها مباحا ثم حرم ثم أبيح ففيه رد على المعتزلة الذي يرون أن النسخ لا يكون إلا بالأخف لا الأثقل وأي هذين أخف أو أثقل فقد نسخ أحدهما بالآخر قالوا: ومحل جواز الأكل في التطوع لا المنذور. (ه عن بريدة) وفي الباب عن علي وغيره.
6430 - (كنت نهيتكم عن زيارة القبور) لحدثان عهدكم بالكفر وأما الآن حيث انمحت آثار الجاهلية واستحكم الإسلام وصرتم أهل يقين وتقوى (فزوروا القبور) أي بشرط أن لا يقترن بذلك تمسح بالقبر أو تقبيل أو سجود عليه أو نحو ذلك فإنه كما قال السبكي بدعة منكرة إنما يفعلها الجهال (فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة) ونعم الدواء لمن قسى قلبه ولزمه ذنبه فإن انتفع بالإكثار منها فذاك وإلا أكثر من مشاهدة المحتضرين فليس الخبر كالعيان قال القاضي: الفاء متعلق بمحذوف أي نهيتكم عن زيارتها مباهاة بتكاثر الأموال فعل الجاهلية وأما الآن فقد جاء الإسلام وهدم قواعد الشرك فزوروها فإنها تورث رقة القلب وتذكر الموت والبلى، قال ابن تيمية: قد أذن النبي صلى الله عليه وسلم في زيارتها بعد النهي وعلله بأنها تذكر الموت والدار الآخرة وأذن إذنا عاما في زيارة قبر المسلم والكافر والسبب الذي ورد عليه لفظ الخبر يوجب دخول الكافر والعلة موجودة في ذلك كله وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي قبور البقيع والشهداء للدعاء والاستغفار لهم فهذا المعنى يختص بالمسلمين انتهى. (ه عن ابن مسعود) قال المنذري: إسناده صحيح وظاهر صنيع المصنف أن هذه الأحاديث لم يخرج منها شئ في أحد الصحيحين وليس كذلك بل جمع مسلم غالبها في حديث واحد وهو نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها وعن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكرا انتهى. وعزاه ابن حجر إلى مسلم وأبي داود والترمذي وابن حبان والحاكم من حديث بريدة بنحوه.
6431 - (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها ترق القلب وتدمع العين وتذكر الآخرة ولا تقولوا هجرا) بالضم أي قبيحا أو فحشا وقد أهجر في منطقة أفحش وأكثر الكلام فيما لا ينبغي، وقوله نهيتكم خطاب رجال فلا يدخل فيه الإناث على المختار عند أصحابنا فلا يندب لهن لكن يجوز
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»
الفهرست