فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ٧٢
مع الكراهة ثم الزيارة بمجرد هذا القصد يستومي فيها القبور كما سبق قال السبكي: متى كانت الزيادة بهذا القصد لا يشرع فيها قصد قبر بعينه ولا تشد الرحال لها وعليه يحمل ما في شرح مسلم من منع شد الرجال لزيارة القبور وكذا بقصد التبرك إلا الأنبياء فقط وقال بعضهم: استدل به على حل زيارة القبور، هب الزائر ذكرا أم أنثى والمزور مسلما أم كافرا قال النووي: بالجواز قطع الجمهور وقال صاحب الحاوي: ولا تجوز زيارة قبر الكافر وهو غلط انتهى. وحجة الماوردي آية * (ولا تقم على قبره) * وفيه نظر انتهى. (ك) في الجنائز (عن أنس) قال ابن حجر: سنده ضعيف.
6432 - (كنس المساجد مهور الحور العين) بمعنى أن له بكل كنسة يكنسها لمسجد من المساجد حوراء في الجنة ويظهر أن ذلك إذا فعله محتسبا لا بأجرة كما هو المتعارف الآن. (ابن الجوزي) في العلل المتناهية في الأحاديث الواهية من حديث عبد الواحد بن زيد عن الحسن (عن أنس) بن مالك وأورده أيضا بسنده في الموضوعات وحكم بوضعه وقال: فيه مجاهيل وعبد الواحد بن زيد متروك انتهى وروى نحوه الديلمي والطبراني.
6433 - (كونوا في الدنيا أضيافا) يعني بمنزلة الضيف ودار ضيافتكم الإسلام والضيف ينزل حيث ينزله المضيف ويأكل ما قدم له ولا يتحكم فإنه لا بد من الارتحال وسائر ما تراه في هذه الدنيا خيال ومن لا يعرف مرتبة الخيال فلا عنده من المعرفة رائحة بحال وقد قال عليه الصلاة والسلام الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا فنبه به على أن ما أدرك في هذه الدار كإدراك النائم في النوم وهو خيال فبالموت يرى أنه استيقظ وهكذا كل حال يكون فيه لا بد لك من الانتقال عنه كالضيف لا بد له من الانتقال (واتخذوا المساجد بيوتا) يعني لدينكم إليها تأوون وإلى ذكر الله فيها تسكنون ولطاعته فيها تأنسون ولدينكم بكثرة المقام فيها تحصنون كبيوت الدنيا لأسباب دنياكم ولأنس أهليكم وتحصين أموالكم واتخذوها لمعاشكم وفكاهتكم وخصوماتكم فإنها لم تبن لذلك كما في الخبر المار (وعودوا قلوبكم الرقة) أي عند ذكر الله ووعده ووعيده ورقتها بدوام الفكر في الذكر ونسيان ذكر الخالق بإيثار ذكر الحق ويحتمل أن المراد تعويد القلب الرقة على الإخوان وإصفائها بذكر الله (وأكثروا التفكر والبكاء) يعني التفكر في عظمة الله وقوة بطشه فيكثر البكاء والحذر يمتنع من متابعة هواه كما قال (ولا تختلفن) في رواية لئلا تختلفن (بكم الأهواء) أما أهواء الدنيا فتقطع عن الاستعداد للآخرة، وأما أهواء البدع في الدين فتقطع عن المولى (تبنون ما لا تسكنون، وتجمعون ما لا تأكلون، وتؤملون ما لا تدركون) وهذا الذي رجح عند المنقطعين إلى الله انقطاعهم عن الخلق ولزومهم السياحات والبراري والسواحل والفرار من الناس والخروج عن ملك الحيوان. (الحسن بن سفيان حل) وكذا الديلمي (عن الحكم بن عمير) وفيه عندهم جميعا بقية وموسى بن حبيب قال الذهبي: ضعفه أبو حاتم.
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست