فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٢٠٣
شهادة شاهديك أو مبتدأ حذف خبره أي شهادة شاهديك الواجب في الحكم وفي رواية للبخاري شاهدك بالإفراد وفي رواية شهودك وعطف عليه قوله (أو يمينه) أي أو لك أو يكفيك يمين المدعى عليه والمراد بقوله شاهداك أي بينتك سواء كانت رجلين أو رجلا وامرأتين أو رجلا ويمين الطالب وإنما خص الشاهدين لأنه الأكثر الأغلب فمعناه شاهداك أو ما يقوم مقامهما ولو لزم من ذلك رد الشاهد واليمين لكونه لم يذكر لزم الشاهد والمرأتين لكونه لم يذكر هذا ما قرر به الشافعية الحديث مجيبين به عن أخذ الحنفية بظاهره من منع القضاء بشاهد ويمين لكونه لم يجعل بينهما واسطة ولنا عليهم أنه جاء من طرق كثيرة شهيرة صحيحة أنه قضى بشاهد ويمين ولا ينافيه ما ذكر في الآية من إذكار إحداهما الأخرى لأن الحاجة إلى الإذكار إنما هو فيما لو شهدتا فإن لم تشهدا قامت مقامهما اليمين ببيان السنة الثابتة ذكره الإسماعيلي وحاصله أنه لا يلزم من التنصيص على الشئ نفيه عما عداه. (م عن ابن مسعود) قال: كانت بيني وبين رجل خصومة في بئر فاختصمنا إلى رسول الله عليه وسلم فقال:
شاهداك إلخ وقضية صنيع المصنف أن هذا مما تفرد به المسلم عن صاحبه وهو ذهول عجيب فقد خرجه البخاري باللفظ المذكور عن ابن مسعود المزبور في باب الرهن قال ابن حجر: رواه البخاري في الشهادات معلقا أوائل الباب ووصله في آخر الباب من حديث الأشعث.
4856 - (شاهد الزور لا تزول قدماه حتى يوجب الله له النار) لأنه رمى المشهود عليه بداهية دهياء وأصلاه نار الدنيا عالما بأن علام الغيوب مطلع على كذبه فجوزي باستحقاقه دار النار والمراد نار الخلود إن استحل ذلك ونار التطهير إن لم يستحل وبالجملة فشهادة الزور من أعظم الكبائر كما تطابق عليه أولو البصائر. قال الذهبي: شاهد الزور قد ارتكب كبائر إحداها الكذب والافتراء والله يقول * (إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب) * ثانيها أنه ظلم من شهد عليه حتى أخذ بشهادته ماله أو عرضه أو روحه ثالثها ظلم من شهد له بأن ساق إليه الحرام فأخذه بشهادته فلذلك استحق النار وقال القيصري: العدل من الشهداء الذي لا يميل في شهادته إلى أحد الجانبين وشاهد الزور هو من يميل عن الوسط لأخذه من الإزورار وهو الميل والميزان العدل هو الذي لسانه في وسط القلب والخلق كلهم استعدوا لهذه العدالة. (حل) من حديث موسى بن زكريا التستري عن محمد بن خليد عن خلف عن مسعر عن محارب عن ابن عمر ثم تفرد به محمد بن خليد عن خلف عن مسعود (ك) في الأحكام (عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه أيضا الخطيب، قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي في التلخيص وتعقبه في المهذب بأن فيه محمد بن الفرات ضعيف وأورد له في الميزان هذا الخبر ثم قال: قال النسائي متروك وساق له ابن الجوزي عدة طرق لا يثبت منها شئ.
4857 - (شاهد الزور مع العشار) أي المكاس (في النار) لجرأته على الله حيث أقدم على ما شدد النهي عنه حيث قرنه بالشرك الذي هو أقبح أنواع الكفر فقال: * (فاجتنبوا الرجس من الأوثان
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»
الفهرست