فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٢٠
الأصفياء الأتقياء ويرغبك في طلب ما طلبوا وينشطك تقديم ما قدموا ويثبطك عن الطمع الفارغ والرجاء الكاذب ويعلمك أن الزينة إنما هي بلباس التقوى (تنبيه) قال في المنن: من الأخفياء الشعث من يجاب دعاؤه كلما دعا حتى أن بعض السوقة كان كل من دعا عليه مات لوقته وأراد جماع زوجته فقالت: الأولاد متيقظون فقال: أماتهم الله فكانوا سبعة فصلوا عليهم بكرة النهار فبلغ البرهان المتولي فأحضره وقال: أماتك الله فمات وقال: لو بقي لأمات خلقا كثيرا. (حم م) في الرقاق (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري وفي الباب ابن عمرو وغيره.
4401 - (رب أشعث) أي جعد الرأس (أغبر) أي غير الغبار لونه لطول سفره في طاعة كحج وجهاد وزيارة رحم وكثرة عبادة (ذي طمرين) تثنية طمر وهو الثوب الخلق (ينبو عنه أعين الناس) أي ترجع وتغض عن النظر إليه احتقارا له واستهانة به يقال نبا السيف عن الضرب إذا رجع من غير قطع، ونبا الطبع عن الشئ نفر فلم يقبله (لو أقسم على الله لأبره) أي لو سأل الله وأقسم عليه أن يفعله لفعل ولم يخيب دعوته وذلك لأن الانكسار ورثاثة الحال والهيئة من أعظم أسباب الإجابة ومن ثم ندب ذلك في الاستسقاء قال الحسن: احترقت أخصاص (1) بالبصرة إلا خص وسطها فقيل لصاحبها: ما لخصك لم تحترق قال: أقسمت على ربي أن لا يحرقه. ورأي أبو حفص رجلا مدهوشا فقال: مالك قال: ضل حماري ولا أملك غيره فوقف أبو حفص وقال: لا أخطو خطوة ما لم ترد حماره فظهر حماره فورا قال الغزالي: وهذا يجري لذوي الأنس وليس لغيرهم التشبه بهم وقال الجنيد: أهل الأنس يقولون في خلوتهم أشياء هي كفر عند العامة وفيه أن العبرة بالقلوب والأديان لا باللباس والمتاع والأبدان. (ك) في الرقائق (حل) كلاهما (عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وأقول: فيه عند أبي نعيم محمد بن زيد الأسلمي ضعفه النسائي وقبله وغيره.
4402 - (رب ذي طمرين لا يؤبه به) أي لا يبالي به ولا يلتفت إليه لحقارته (لو أقسم على الله لأبره) أي لأمضاه وتمامه في رواية ابن عدي لو قال اللهم إني أسألك الجنة لأعطاه الجنة ولم يعطه من الدنيا شيئا اه‍. قال بعض الصوفية: وهذه الطائفة العلية أهل الولاية الكبرى المكتسبة بالتخلق والتحقق وهم النازلون في العالم منزلة القلب في الجسد فهم تحت حكم الحق وتحت رتبة الأنبياء وفوق العامة بالتصريف وتحتهم بالافتقار وهم أهل التسليم والأدب والعلم والعمل والانكسار والافتقار والذلة والعجز والصبر على البلاء والقيام تحت الأسباب وتجرع الغصص الموت الأحمر والأزرق
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»
الفهرست