فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ١٦٧
الخوارج وهو مقتضى صنيع البخاري حيث قرنهم بالملحدين وبه صرح ابن العربي فقال: الصحيح أنهم كفار لحكمهم على من خالف معتقدهم بالكفر والخلود في النار ومال إليه السبكي ففي فتاويه احتج من كفر الخوارج وغلاة الروافض تكفيرهم أعلام الصحابة لتضمنه تكذيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في شهادته لهم بالجنة وهو عندي احتجاج صحيح واحتج من لم يكفرهم بأن الحكم بتكفيرهم يستدعي تقديم علمهم للشهادة المذكورة علما قطعيا وفي الفشاء نكفر كل من قال قولا يتوصل به إلى تضليل الأمة وتكفير الصحابة حكاه في الروضة في الردة وأقره وذهب أكثر الأصوليين من أهل السنة إلى أن الخوارج فساق وحكم الإسلام جار عليهم لتلفظهم بالشهادتين ومواظبتهم على أركان الدين وإنما فسقوا بتكفير السنيين مستندين إلى تأويل فاسد وجرهم ذلك إلى استباحة دماء مخالفيهم وتكفيرهم وقال الخطابي: أجمع علماء المسلمين على أن الخوارج مع ضلالتهم فرقة من فرق المسلمين وقال الغزالي في كتاب التفرقة بين الإيمان والزندقة: ينبغي التحرز عن التكفير ما وجد إليه سبيلا فإن استباحة دماء المصلين المقرين بالتوحيد خطأ والخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك دم مسلم واحد وقال ابن بطال: ذهب جمهور العلماء إلى أن الخوارج غير خارجين من جملة المسلمين لأن من ثبت له عقد الإسلام بيقين لا يخرج منه إلا بيقين قال: وسئل علي عن أهل النهروان هل كفروا فقال:
من الكفر فروا وقال في المفهم: باب التكفير خطر ولا يعدل بالسلامة شئ. (ع عن أنس) بن مالك قال ابن حجر: رجاله ثقات روى أحمد نحوه بسند جيد عن أبي سعيد.
4767 - (سيكون في أمتي أقوام يتعاطى فقهاؤهم عضل المسائل) بضم العين وفتح الضاد صعابها (أولئك شرار أمتي) (1) أي من شرارهم فخيارهم من يستعمل سهولة الإلقاء بنصح وتلطف ومزيد بيان وساطع برهان ويبذل جهده لتقريب المعنى لفهم الطالب ولا يفجأه بالمسائل الصعبة بل يقرر له ما يحتمله ذهنه ويضبطه حفظه ويوضح لمتوقف الذهن العبارة ويحتسب إعادة الشرح له وتكراره ويبدأ بتصوير المسائل وتوضيحها ثم يذكر الدلائل وتوجيهها ويقتصر على تصوير المسألة وتمثيلها لمن لم يتأهل لفهم مأخذها ودليلها يذكر الأدلة موضحة منقحة لممتحنها ويبين له معاني أسرار حكمها وعللها وما يتعلق بها من فرع وأصل ومن وهم فيها في حكم أو تخريج أو نقل بعبارة جلية عرية عن التعقيد والإيهام سليمة عن تنقيص أحد من الأعلام مبينا مأخذ الحكمين والفرق بين المسألتين وبذلك يزول التعقد من البين. (طب عن ثوبان) رمز المصنف لحسنه وليس ذا منه يحسن فقد أعله الهيثمي وغيره بأن فيه يزيد بن ربيعة وهو متروك.
4768 - (سيكون بعدي خلفاء) إشارة إلى انقطاع النبوة بعده وبقاء الرحمة مع خلفائه حين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون (ومن بعد الخلفاء أمراء ومن بعد الأمراء ملوك) إشارة إلى انقطاع الخلافة وظهور الجور لأن موضوع الخلافة الحكم بالعدل وهذا من الأمر القديم المشار إليه بآية
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»
الفهرست