فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٨٩
لرجل أي هو أبو طالب كما يجئ (يوضع في أخمص قدميه جمرتان) تثنية جمرة وهي القطعة من النار الملتهبة (يغلي منهما دماغه) وفي رواية للبخاري يغلي منهما أم دماغه قال الداودي: المراد أم رأسه وأطلق على الرأس أم الدماغ من تسمية الشئ مما يجاوره وفي رواية ابن إسحاق يغلي منه دماغه حتى يسيل على قدميه وحكمة انتعاله بهما أنه كان مع المصطفى صلى الله عليه وسلم بجملته لكنه كان مثبتا لقدميه على ملة عبد المطلب حتى قال عند الموت هو على ملة عبد المطلب فسلط العذاب على قدميه فقط لتثبيته إياهما على ملة آبائه الضالين قال الغزالي: انظر إلى من خفف عليه واعتبر به فكيف من شدد عليه؟ ومهما شككت في شدة عذاب النار فقرب أصبعك منها وقس ذلك به انتهى وتمسك به من ذهب إلى أن الحسنات تخفف عن الكافر وقال البيهقي: ولمن ذهب لمقابله أن يقول خبر أبي طالب خاص والتخفيف عنه بما صنع إلى النبي صلى الله عليه وسلم تطييبا لقلبه وثوابا له في نفسه لا لأبي طالب فإن حسناته أحبطت بموته كافرا (م عن النعمان بن بشير) الأنصاري لكن لفظ رواية مسلم من حديث النعمان إن أهون وإنما قال أهون في حديث ابن عباس الآتي فهذا مما لم يحرر المؤلف فيه التخريج . 2773 (أهون أهل النار عذابا أبو طالب) عم المصطفى صلى الله عليه وسلم (وهو منتعل بنعلين من نار يغلي منهما دماغه) هذا وما قبله يؤذن بموته على الكفر وهو الحق ويزعم بعض الناس أنه أسلم قال الزمخشري: يا سبحان الله أكان أبو طالب أخمل أعمامه حتى يشتهر إسلام حمزة والعباس ويخفى إسلامه؟ انتهى وأما ما رواه تمام في فوائده من حديث ابن عمر إذا كان يوم القيامة شفعت لأبي وأمي وعمي وأخ لي كان في الجاهلية فتناوله المحب الطبري في حق عمه على أنها شفاعة في التخفيف كما في مسلم قال ابن حجر: ووقفت على جزء جمعه بعض أهل الرفض أكثر فيه من الأحاديث الواهية الدالة على إسلام أبي طالب ولا يثبت منها شئ وروى أبو داود والنسائي وابن خزيمة عن علي قال: لما مات أبو طالب قلت: يا رسول الله إن عمك الشيخ الضال قد مات قال: اذهب فواره قال: إنه مات مشركا قال: اذهب فواره وفيه أن عذاب الكفار متفاوت وأن الكافر قد ينفعه عمله الصالح في الآخرة. قال ابن حجر: لكنه مخالف للقرآن، قال تعالى * (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا) * وأجيب باحتمال أن هذا من خصائص المصطفى صلى الله عليه وسلم وبأن منع التخفيف إنما يتعلق بذنب الكفر لا غيره وبذلك يحصل التوفيق بين هذا الحديث وما أشبهه وبين قوله تعالى * (لا يخفف عنهم العذاب) * (حم م عن ابن عباس) وفي الباب أبو سعيد وجابر وغيرهما.
2774 (أهون الربا) بموحدة تحتية (كالذي ينكح) أي يطأ (أمه) في عظم الجرم وفظاعة الإثم (إن
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست