فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٨٦
ومن ملأ من ثناء الناس شرا عمله فكأنه قال: أهل الجنة من لا يزال يعمل الخير حتى ينتشر عنه فيثنى عليه بذلك وفي الشر كذلك ومعنى قوله أهل الجنة أي الذين يدخلونها ولا يدخلون النار ومعنى أهل النار أي الذين استحقوها لسوء أعمالهم سموا بدخولها أهل النار لكنهم سيدخلون الجنة إذا صحبهم إيمان ويكون أهل النار بمعنى الذين استحقوها بعظائم وأفعال السوء ثم يخرجون بشفاعته ويجوز أن يرحم منهم من يشاء ولا يعذبه اه‍. فإن قلت: ما فائدة قوله وهو يسمع بعد قوله ملأ الله أذنيه؟ قلت: قد يقال فائدته الإيمان إلى أن ما اتصف به من الخير والشر بلغ من الاشتهار مبلغا عظيما بحيث صار لا يتوجه إلى محل ويجلس بمكان إلا ويسمع الناس يصفونه بذلك فلم تمتلئ أذنيه من سماعه ذلك بالواسطة والإبلاغ بل بالسماع المستفيض المتواتر واستعمال الثناء في الذكر الجميل أكثر من القبيح كما في المصباح وجعله ابن عبد السلام حقيقة في الخير مجازا في الشر.
(ه عن ابن عباس) وفيه أبو الجوزاء قال الذهبي: قال البخاري فيه نظر.
2765 (أهل الجور) أي الظلم (وأعوانهم في النار) لأن الداعي إلى الجور الطيش والخفة والأشر والبطر الناشئ عن عنصر النار التي هي شعبة من الشيطان فجوزوا من جنس مرتكبهم (ك) في الأحكام (عن حذيفة) وصححه وتعقبه الذهبي فقال: بل منكر.
2766 (أهل الشام سوط الله تعالى في الأرض) يعني هم عذابه الشديد يصبه على من يشاء من العبيد قال الزمخشري: من المجاز * (صب عليهم ربك سوط عذاب) * أي فلما علم أن الضرب بالسوط أشد ألما من غيره عبر به (ينتقم بهم ممن يشاء من عباده) أي يعاقبه بهم قال في الصحاح انتقم الله منه عاقبه (وحرام على منافقيهم أن يظهروا على مؤمنيهم) أي يمتنع عليهم ذلك (وأن يموتوا إلا هما) أي قلقا (وغيظا) أي غضبا شديدا. قال في المصباح: الغيظ الغضب المحيط بالكبد وهو أشد الغضب (وغما) أي كربا ووهنا (وحزنا) في إشعاره إيذان بأن أهل الشام قد رزقوا حظا في سيوفهم وشاهده ما رواه الخطيب في التاريخ أن عمر كتب إلى كعب الأحبار: اختر لي المنازل فكتب إليه: بلغنا أن الأشياء اجتمعت فقال: السخاء أريد اليمن فقال: حسن الخلق أنا معك وقال: الجفاء أريد الحجاز فقال: الفقر وأنا معك وقال: البأس أريد الشام فقال السيف وأنا معك وقال: العلم أريد العراق فقال: العقل وأنا معك وقال: الغنى أريد مصر فقال: الذل وأنا معك فاختر لنفسك (حم ع طب والضياء) المقدسي (عن خريم) بضم الخاء المعجمة وفتح الراء (بن فاتك) بفتح الفاء وكسر المثناة التحتية الأسدي
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست