(والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل) أي حال كونهما متماثلين أي متساويين في القدر (يدا بيد) أي نقدا غير نسيئة (فمن زاد) على مقدار البيع الآخر من جنسه (أو استزاد) أي طلب الزيادة وأخذها (فقد أربى) أي فعل الربا المحرم (والآخذ والمعطي سواء) في اشتراكهما في الإثم لتعاونهما عليه فإن كلا منهما آكل وموكل وألحق بهذه الستة ما في معناها المشارك لها في العلة فقال الشافعي: العلة في النقد الثمينة فلا يتعدى بكل موزون وفي البقية الطعم فيتعدى ووافقه مالك في النقد وجعل العلة في الأربعة للادخار وجعل أبو حنيفة العلة في النقد الوزن وفي الباقي الكيل فعداهما (حم م ن) في الربا (عن أبي سعيد) الخدري ولم يخرجه البخاري.
4356 (الذهب بالذهب) أي يباع به (والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل) أي حال كونهما متساويين في القدر (سواء بسواء) أي عينا بعين حاضرا بحاضر (يدا بيد) أي مقابضة في المجلس وجمع بينهما تأكيدا ومبالغة في الإيضاح (فإذا اختلفت هذه الأصناف) هذا لفظ مسلم وهو الصواب وما وقع في المصابيح من ذكر الأجناس بدله من تصرفه وما درى أن الأصناف أقوى في هذا المحل وأن المصطفى صلى الله عليه وسلم أراد بيان الجنس الذي يجري فيه الربا فعد أصنافه ذكره الطيبي لكن عهد بهم أنهم يستعملون بعض الألفاظ المتقاربة المعنى مكان بعض فالأمر سهل (فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد) أي مقابضة وقال القاضي والطيبي: هذا الحديث عمدة باب الربا عد أصولا وصرح بأحكامها وشروطها على الوجوه التي يتعامل بها ونبه على ما هو العلة لكل واحد منها ليتوصل به المجتهد إلى أن يستنبط منها حكم ما من يذكر من أخواتها (فإنه) ذكر النقدين والمطعومات الأربع إشعارا بأن الربا فيما يكون نقدا أو مطعوما فإن العلة فيه النقد والطعم للمناسبة واقتران الحكم وذكر من المطعوم الحب والتمر ما يقصد مطعوما لنفسه ولغيره ليعلم أن الكل سواء في الحكم ثم قسم التعامل على ثلاثة أوجه أن يباع شئ منها بجنسه كبر ببر وبغيره من هذه الأجناس المشاركة في علة الربا كبر بشعير وبما ليس من جنسه ولا بما يشاركه في العلة كبيع بر بذهب أو نحاس وصرح في القسمين الأولين لأنهما المقصودان بالبيان لمخالفتهما كسائر العقود في الشروط فشرط في الأول التماثل في القدر وأكده بقوله سواء بسواء لأن المماثلة أعم من كونها في القدر بخلاف المساواة والحلول والتقابض بالمجلس بقوله يدا بيد وفي الثاني الحلول والتقابض لا التماثل وسكت عن الثالث إما لأنه جاز على قياس جميع المبايعات فلا حاجة لبيانه أو لأن أمره معلوم مما ذكر مدلول عليه بالمفهوم فإن تقييد اعتبار الحلول بالمشاركة في علة الربا بقوله فإذا اختلفت هذه الأجناس في اعتبار المماثلة بها