فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٦٣٢
الفذ فدرجة السرية أرفع من درجة الطليعة التي هي أربعون وقد زادها في رواية العسكري بين الأربعة والأربعمائة والسرية القطعة من الجيش سميت به لأنها تسري بالليل فعيلة بمعنى فاعلة (وخير الجيوش أربعة آلاف) لأنه أحوج إلى القوة من السرية والجيش هو الرابع من الرفقة والألف في الدرجة الرابعة من الأعداد فأقوى الأعداد وأرفعها درجة أربعة آلاف يرشد إليه ما قيل في تفسير * (وجعلت له مالا ممدودا) * قيل أربعة آلاف والشئ الممدود أقوى مما لا مدد له فيمكن كون معنى خير السرايا أربعمائة وخير الجيوش أربعة آلاف لقوتهما في أنفسهما وما زاد على هذا العدد فهو فضل لأنه فوق التمام (ولا تهزم) في رواية لن تؤتى (اثنا عشر ألفا من قلة) لأن ذلك في حد الكثرة من أقوى الأعداد فلن تؤتى من قلة كعدد حنين كانوا كذلك فلم تغن عنهم كثرتهم لإعجابهم بها فإنه فتح مكة في عشرة آلاف وتوجه لحنين بزيادة ألفين فأتوا من جهة الإعجاب قال الحرالي: جعل الله الأربع أصلا لمخلوقاته * (ومن كل شئ خلقنا زوجين) * فجعل الأوقات من أربع * (وقدر فيها أقواتها في أربعة) * وجعل الأركان الذي خلق منها صور المخلوقات أربعا وجعل الأقطار أربعا وجعل الأعمار أربعا والمربعات في أصول الخلق كثيرة تتبعها العلماء واطلع عليها الحكماء (د ت ك عن ابن عباس) قال الترمذي: حسن غريب ولم يصححه لأنه يروى مسندا ومرسلا ومعضلا قال ابن القطان: لكن هذا ليس بعلة فالأقرب صحته.
4020 (خير الصداق أيسره) أي أقله لدلالته على يمن المرأة وبركتها ولهذا كان عمر ينهى عن المغالاة في المهر ويقول: ما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا زوج بناته بأكثر من ثنتي عشرة أوقية فلو كانت مكرمة لكان أحقكم بها اه‍ ومراده أن ذا هو الأكثر (ك هق) في الصداق (عن عقبة بن عامر) الجهني قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل: أترضى أن أزوجك فلانة قال: نعم وقال للمرأة: أترضين قالت: نعم فزوج ولم يفرض صداقا ولم يعطها شيئا وكان ممن شهد خيبر فأوصى لها بسهمه عند الموت فباعته بمائة ألف فذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي.
4021 (خير الصدقة) أي أفضلها (ما كان عن ظهر غنى) وفي رواية للبخاري (على ظهر غنى) أي ما وقع من غير محتاج إلى ما يتصدق به لنفسه وممونه ولفظ الظهر مقحم تمكينا للكلام فهو كقولهم هو راكب متن السلامة ونحوه من الألفاظ التي يعبر بها عن التمكن عن الشئ والاستعلاء عليه أو ما ثبت عندها غنى لصاحبها يستظهر به على مصالحه لأن من لم يكن كذلك يندم غالبا ونكر غنى للتفخيم ولا ينافيه خبر أفضل الصدقة جهد المقل لأن الفضيلة تتفاوت بحسب الأشخاص وقوة التوكل. قال النووي مذهبنا أن التصدق بجميع المال مستحب لمن لا دين عليه ولا له عيال لا يصبرون ويكون هو بصير على
(٦٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 627 628 629 630 631 632 633 634 635 636 637 ... » »»
الفهرست