فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٦٢١
فيها فلا يلتفت ولا يحاشر منكبه منكب صاحبه ولا يمتنع لضيق المكان على مريد الدخول في الصف لسد الخلل بمعنى أن فاعل ذلك من خيار المؤمنين لا أنه خيارهم إذ قد لا يوجد المنكب فيمن غيره أفضل نفسا ودينا وإنما هو كلام عربي يطلق على الحال والوقت وعلى إلحاق الشئ المفضل بالأعمال الفاضلة ذكره الإمام البيهقي قال ابن الهمام: وبهذا يعلم جهل من يستمسك عند دخول داخل بجنبه في الصف ويظن أن فسحه له رياء بسبب أنه يتحرك لأجله بل ذلك إعانة على إدراك الفضيلة وإقامة لسد الفرجات المأمور بها في الصف (د) في الصلاة (هق) كلاهما (عن ابن عباس) سكت عليه أبو داود ورده عبد الحق بأن فيه عمارة بن ثوبان ليس بالقوي وقال ابن القطان: فيه مجهولان.
3989 (خياركم أحاسنكم) وفي رواية أحسنكم (قضاء للدين) بفتح الدال بأن يرد أكثر مما عليه بحق بغير شرط ولا يمطل رب الدين ولا يسوف به مع القدرة ويقضيه جملة لا مفرقا قال الكرماني خياركم يحتمل كونه مفردا بمعنى المختار وكونه جمعا فإن قلت: أحسن كيف يكون خبرا له لأنه مفرد؟
قلت: أفعل التفضيل المقصود به الزيادة جائز فيه الإفراد والمطابقة لمن هو له وهذا قاله حين استقرض ورد خيرا مما أخذ وذلك من مكارم أخلاقه وليس هو من قرض جر نفعا للمقرض لأن المنهى عنه ما شرط في عقد القرض كشرط رد صحيح عن مكسر أو رده بزيادة في الكم أو الوصف فلو فعل ذلك بلا شرط كما هنا جاز بل ندب عند الشافعي وقال المالكية: الزيادة في العد منهية والخبر يرده هذا كله إن اقترض لنفسه فإن اقترض لجهة وقف أو محجور لم يجز له رد زائدة والخير والخيار يرجع إلى النفع فخيار الناس من أنفع الناس للناس فإن قلت: هذا خير من هذا فمعناه أنفع لنفسه أو لغيره وأشرف المنفعة ما تعلق بالخلق لأن الحسنة المتعدية أفضل من القاصرة وحسن المعاملة في الاقتضاء والقضاء يدل على فضل فاعل ذلك في نفسه وحسن خلقه بما ظهر من قطع علاقة قلبه بالمال الذي هو معنى الدنيا (ت ن عن أبي هريرة) قال: استقرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ورد خيرا منه ثم ذكره وظاهر صنيع المصنف أن هذا لم يتعرض الشيخان ولا أحدهما لتخريجه وهو ذهول عجيب فقد عزاه هو في الدرر اليهما معا باللفظ المزبور وقال الحافظ العراقي: متفق عليه.
3990 (خياركم خيركم لأهله) أي حلائله وبنيه وأقاربه يعني هو من خياركم كما يقال خير الأشياء كذا ولا يراد تفضيله في نفسه على جميع الأشياء لكن على أنه خيرها في حال دون حال ولو واحد دون آخر كما قد يتضرر واحد بكلام في غير محله فيقول ما شئ أفضل من السكوت إلى حيث لا يحتاج إلى الكلام ثم قد يتضرر بالسكوت مرة فيقول ما شئ أفضل من الكلام ويقال فلان أعقل الناس وأفضلهم ويراد من أعقلهم ذكره الحليمي (طب عن أبي كبشة) الأنماري سعيد بن عمر أو عمر بن سعيد أو عامر بن سعد صحابي نزل الشام وروى عن أبي بكر.
(٦٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 616 617 618 619 620 621 622 623 624 625 626 ... » »»
الفهرست