فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٥٤٨
أعرضوا عن الأحساب الخفية ومكارم الأخلاق الدينية ألا ترى أنه أعقبه بقوله والكرم التقوى والتقوى تشمل المكارم الدينية والشيم المرضية التي فيها شرف الدارين (تنبيه) قال الراغب المال إذا اعتبر بكونه أحد أسباب الحياة الدنيوية فهو عظيم الخطر وإذا اعتبر سائر المقتنيات فهو صغير الخطر إذ هو أحسن المقتنيات فالمال من الخيرات المتوسطة لأنه كما يكون سببا للخير قد يكون سببا للشر لكن لما كان غالبا يوجب كرامة أصحابه وتعظيم أربابه حتى صدق القائل:
الناس أعداء لكل مدقع * صفر اليدين وأخوة للمكثر وحتى قيل: رأيت ذا المال مهيبا وأستصوب قول طلحة في دعائه: اللهم ارزقني مجدا ومالا ولا يصلح المجد إلا بالمال ولا المال إلا بالمجد ونظمه المتنبي فقال:
فلا مجد في الدنيا لمن قل ماله * ولا مال في الدنيا لمن قل مجده (حم ت) في التفسير (ه) في الزهد (ك) في النكاح (عن سمرة) بن جندب وقال الترمذي: صحيح اه‍. وقال الحاكم: على شرط البخاري وأقره الذهبي لكن قيل: إنه من حديث الحسن عن سمرة وقد تكلموا في سماعه منه.
3817 (الحسد) أي المذموم وهو تسخط قضاء الله والاعتراض عليه (يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب) لأنه اعتراض على الله فيما لا عذر للعبد فيه لأنه لا يضره نعمة الله على عبده والله لا يعبث ولا يضع الشئ بغير محله فكأنه نسب ربه للجهل والسفة ومن لم يرض بقضائه فليطلب ربا سواه والحاسد معاقب في الدنيا بالغيظ الدائم والآخرة بإحباط الحسنات ومن ثم كان من الكبائر قال القاضي تمسك به من يرى إحباط الطاعات بالمعاصي كالمعتزلة وأجيب بأن المعنى أن الحسد يذهب حسناته ويتلفها عليه بأن يحمله على أن يفعل بالمحسود من إتلاف مال وهتك عرض وقصد نفس ما يقتضي صرف تلك الحسنات بأسرها في عرضه وقال الطيبي: الأكل هنا استعارة لعدم القبول وأن حسناته مردودة عليه وليست بثابتة في ديوان عمله الصالح حتى يحبط واستثنى الحسد في نعمتي كافر وفاجر يستعين بها على فتنة أو فساد (والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار والصلاة نور المؤمن) أي ثوابها يكون نورا للمصلي في ظلمة القبر أو على الصراط أو فيهما (والصيام جنة من النار) بضم الجيم أي وقاية من نار جهنم فلا يدخل صاحبه النار إلا تحلة القسم ولعل المراد الإيمان الكامل (ه عن أنس) قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف وقال البخاري: لا يصح لكنه في تاريخ بغداد بسند حسن اه‍.
3818 (الحسد في اثنتين) يعني الحسد الذي لا يضر صاحبه ليس إلا في خصلتين أو طريقتين
(٥٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 543 544 545 546 547 548 549 550 551 552 553 ... » »»
الفهرست