3799 (الحجر الأسود) ويسمى الركن الأسود وهو ركن الكعبة الذي في الباب من جانب الشرق وارتفاعه من الأرض الآن ذراعان وثلث ذراع على ما ذكره الأزرقي وبينه وبين المقام ثمانية وعشرون ذراعا (من الجنة) حقيقة أو بمعنى أنه لما له من الشرف واليمن يشارك جواهر الجنة فكأنه منها قال القاضي: لعل هذا الحديث جار مجرى التمثيل والمبالغة في تعظيم شأن الحجر وتفظيع أمر الخطايا والمعنى أن الحجر لما فيه من الشرف والكرامة وما فيه من اليمن والبركة يشارك جواهر الجنة فكأنه نزل منها وأن خطايا بني آدم تكاد تؤثر في الجماد فتجعل المبيض منها مسودا فكيف بقلوبهم أو من حيث أنه مكفر للخطايا محاء للذنوب كأنه من الجنة ومن كثرة تحمله أوزار بني آدم كان ذا بياض شديد فسودته الخطايا هذا وإن احتمال إرادة الظاهر غير مدفوع عقلا ولا سمعا واله أعلم بالحقائق قال المظهر: وفي الحديث فوائد منها امتحان إيمان الرجل فإن كان كاملا يقبل هذا فلا يتردد وضعيف الإيمان يتردد والكافر ينكر ومنها التخويف فكان الرجل إذا علم أن الذنوب تسود الحجر يحترز منه لئلا يسود بدنه بشؤمه ومنها التحريض على التوبة ومنها الترغيب في مسح الحجر لتنقل الذنوب إليه قال ابن العربي هذا لا يؤمن به إلا من كان سنيا والقدرية تنكره من وجهين أحدهما أن الجنة بعد لم تخلق، الثاني أنه زاد في عدة أخبار أن الخطايا تسوده وهي لا تسود ولا تبيض حقيقة ولا توليدا وقد أقمنا الأدلة الواضحة على أن الجنة مخلوقة الآن وأن تعلق السواد بالأبيض والبياض في الأسود غير مستنكر في القدرة (حم عن أنس) بن مالك (ن عن ابن عباس).
3800 (الحجر الأسود من حجارة الجنة) يحتمل ما تقرر من الحقيقة أو المجاز ويحتمل أيضا أن معناه بعد خراب هذا العالم ينقل إلى الجنة فيكون فيها تشريفا له. (فائدة) في تذكره المقريزي عن ابن جبير أن ارتفاع الكعبة بين الركن اليماني والحجر الأسود سبع وعشرون ذراعا وسائر الجوانب ثمان وعشرون بسبب انصباب السطح إلى الميزاب وارتفاع الباب من الأرض أحد عشر شبرا ونصفا وغلظ الحائط الذي ينطوي عليه الباب خمسة أشبار وقام البيت على ثلاثة أعمدة بين كل عمودين أربع خطا ومن الركن الذي فيه الحجر الأسود إلى الركن اليماني أربعة وخمسون شبرا ومن اليماني إلى الشامي ثمانية وأربعون شبرا ودور الحجر من الركن إلى الركن أربعون خطوة وهي مائة وعشرون شبرا ومن جدار البيت وسط صحن الحجر إلى جدار الحجر أربعون شبرا وعمق بئر زمزم أحد عشر قامة وعمق الماء سبع قامات ودور البئر أربعون شبرا وارتفاع سور البئر أربعة أشبار ونصف وفي الحجر الأسود على يمين المستلم له نقطة بيضاء صغيرة مشرقة تلوح كأنها خال في تلك الصفحة وفي هذه الشامة البيضاء أثران النظر إليهما يجلو البصر اه (سمويه عن أنس) ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وإلا لما أبعد النجعة وهو عجيب فقد خرجه البيهقي في الشعب باللفظ المزبور عن أنس وكذا الطبراني في الأوسط والبزار والسند ضعيف.