فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٤٧٨
بليغ كزيد بحرا وهو استعارة يعني أن ظلال السيوف والضرب بها في سبيل اللسبب للفوز بظلال بساتين الجنة ونعيمها لما أنه سبب موصل إليها ذكره بعضهم وفي النهاية هو كناية عن الدنو من الضرب في الجهاد حتى يعلوه السيف ويصير ظله عليه وقال الطيبي: معناه ثواب الله والسبب الموصل إلى الجنة عند الضرب بالسيف في سبيل الله فاحضروا الجهاد بصدق النية واثبتوا وإنما نهى عن لقاء العدو لما فيه من صورة الإعجاب والإتكال على النفس والوثوق بالقوة ولمخالفته للحزم والاحتياط وخص السيوف لكونها أعظم آلات الحرب وأنفعها (ك) في الجهاد (عن أبي موسى) قال الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبي وكان على المصنف إثبات هذا في حرف إن لأنه في رواية الحاكم بأن في أوله كما رأيته في المستدرك بخط الذهبي ثم إن ظاهر كلام المصنف أن هذا مما لم يخرجه الشيخان ولا أحدهما وهو ذهول فقد رواه البخاري عن ابن أبي أوفى مرفوعا بلفظ اعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف وأخرجه مسلم أيضا في المغازي وأبو داود في الجهاد فاقتصار المؤلف على الحاكم مضيق العطن وممن عزاه إلى الشيخين معا صاحب مسند الفردوس.
3644 (الجنة دار الأسخياء) السخاء المحمود شرعا لأن السخاء من أخلاق الله العظيمة وهو يحب من يتخلق بشئ من أخلاقه فلذلك صلحوا لجواره في داره ولذا ورد في خبر عبد الحكيم ما جبل الله وليا قط إلا على السخاء ولجاهل سخي أحب إلى الله من عابد بخيل سخت أنفسهم بدنياهم لأخراهم فوصلوا أرحامهم وآثروا بها فقراءهم وسلموا أنفسهم لعبادة الرحمن فظفروا بالجنان وأعلى من هؤلاء من سخت أنفسهم عن الدنيا بما فيها وعابوا الالتفاف إليها لشغلها عن المولى (خاتمة) قال الإمام الرازي الجنة موضعها فوق السماء وتحت العرش كما ذكره الإمام مالك فالجنة فوق السماوات والنار في أسفل الأرضين كذا ذكره في تفسيره وذهب ابن حزم أن الجنة في السماء السادسة تعلقا بقوله تعالى * (عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى) * وسدرة المنتهى في السماء السادسة (عد) عن زيد بن عبد العزيز عن جحدر عن بقية عن الأوزاعي عن الزهري عن عائشة ثم قال مخرجه ابن عدي يسرق الحديث ويروي المناكير وقال الدارقطني: حديث لا يصح (والقضاعي) وكذا الدارقطني في المستجار والخرائطي كلهم (عن عائشة) وقال في الميزان: حديث منكر ما أفته سوى جحدر ومن ثم قال الدارقطني: لا يصح وأورده ابن الجوزي في الموضوع انتهى. قال العامري: في قوله حسن غريب غير مصيب.
3645 (الجنة) أي أبنيتها (لبنة من ذهب ولبنة من فضة) بين به أنها مبنية بناء حقيقيا دفعا لتوهم أن ذلك تمثيل وأن ليس هناك بناء بل تتصور النفوس غرفا مبنية كالعلالي بعضها فوق بعض حتى كأنها تنظر إليها عيانا وهل المراد بناء قصورها ودورها أو بناء حائطها وسورها احتمالات رجح
(٤٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 473 474 475 476 477 478 479 480 481 482 483 ... » »»
الفهرست