فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٤٥٢
عما يعرض لكم من الأحكام ومن كان بالصفة المقررة فهو من كبراء زمانه وعلماء أوانه فيجب أن يجالس بالتوقير والاحترام ويسائل بالتبجيل والإعظام وذم الجوارح ومراقبة الخواطر (وخالطوا) في رواية خاللوا (الحكماء) أي اختلطوا بهم في كل وقت فإنهم المصيبون في أقوالهم المتقنون لأفعالهم المحافظون في أحوالهم ففي مداخلتهم تهذيب للأخلاق وفي النص على مسائلة العلماء تنبيه على إيجاب تقديم العلم على العمل ولم يوقت إيذانا بملازمة السؤال إلى الترحال من دار الزوال فكأنه قال كن متعلما أبدا وإذا أطلق العلماء فالمراد العارفون بالحلال والحرام وغيرهم يعرفه أو يضاف كعلم الكلام فكأنه حث على تعلم الفقه لعموم البلوى ومس الحاجة (تنبيه) قال الراغب: قال بعض الحكماء: مجالسة العلماء ترغبك في الثواب ومجالسة الحكماء تقربك من الحمد وتبعدك عن الذم ومجالسة الكبراء تزهدك فيما عدا فضل الله الباري تعالى وقال بعضهم: إذا جالست أهل الدنيا فحاضرهم برفع الهمة عما بأيديهم مع تحقيرها وتعظيم الآخرة أو أهل الآخرة فحاضرهم بوعظ الكتاب والسنة وتعظيم دار البقاء وتحقير دار الفناء أو الملوك فبسيرة أهل العدل مع حفظ الأدب والعفاف أو العلماء فبالروايات الصحيحة والأقوال المشهورة مع الإنصاف وعدم الجدال المظهر حب العلو عليهم أو الصوفية فيما يشهد لأحوالهم ويقيم حجتهم على المنكر عليهم مع أدب الباطن قبل الظاهر والعارفين فيما شئت فإن لكل شئ عندهم وجه من وجوه المعرفة بشرط عدم المزج وحفظ الأسرار سيما من الأشرار. (تتمة) من أمثالهم طأ أعتاب العالمين تطأ رقاب العالمين (طب عن ابن جحيفة) بالتصغير قال الهيثمي: رواه الطبراني من طريقين أحدهما هذه والأخرى موقوفة وفيه عبد الملك بن حسين أبو مالك النخعي ضعفه أبو زرعة والدارقطني وساق له مناكير هذا منها.
3578 (جاهدوا) من المجاهدة مفاعلة من الجهد فتحا وضما وهو الإبلاغ في الطاقة والمشقة وكل من أتعب نفسه في ذات الله فقد جاهد في سبيل الله لكنه إذا أطلق عرفا لا يقع إلا على جهاد الكفار (المشركين) يعني الكفار وخص أهل الشرك لغلبتهم إذ ذاك (بأموالكم) أي في كل ما يحتاجه المسافر من سلاح ودواب وزاد (وأنفسكم) أي بالقتال بالسلاح * (فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم) * (وألسنتكم) بالمكافحة عن الدين وهجو الكافرين فلا تداهنهم بالقول بل جادلهم واغلظ عليهم ولا يعارض ذلك مطلق النهي عن سب المشركين لئلا يسبوا المسلمين لحمله على البذاءة به لا على من أجاب منتصرا (حم د ن حب ك) في الجهاد (عن أنس) بن مالك قال الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبي وقال في الرياض بعد عزوه لأبي داود: إسناد صحيح.
3579 (جبل الخليل) أي الجبل المعروف بإبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام (مقدس) أي
(٤٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 457 ... » »»
الفهرست