العبادات البدنية والغرض الأصلي من شرعها ينحصر في التنزيه والتمجيد والتسبيح يستوعب القسم الأول والتحميد يتضمن الثاني والثاني أن يراد بيان تفضيل الحمد على التسبيح وأن ثوابه ضعف ثواب التسبيح فالتسبيح نصف الميزان والتحميد وحده يملؤه وذلك لأن الحمد المطلق إنما يستحقه من كان مبرءا عن النقائص منعوتا بنعوت الجلال وصفات الإكرام فيكون الحمد شاملا للأمرين وأعلى القسمين ويؤيده الترقي في قوله (ولا إله إلا الله ليس لها من دون الله حجاب) أي ليس لقبولها حجاب يحجبها عنه لاشتمالها على التنزيه والتحميد ونفي السوري صريحا ومن ثم جعله من جنس آخر لأن الأولين دخلا في معنى الوزن والمقدار في الأعمال وهذا حصل منه القرب إلى الله من غير حاجز (حتى تخلص) أي تصل (إليه) المراد بهذا وشبهه سرعة القبول وكمال الثواب كما سبق (ت عن ابن عمرو) بن العاص رضي الله عنه.
3404 (التسبيح نصف الميزان) لأنه نصف العبودية (والحمد لله يملؤه) لأنه كمال العبودية إذ كمالها معرفة الله والافتقار إليه فصفاء معرفته تنزيهه عما يهجس في الخواطر وتقع عليه النواظر وكمال الافتقار إليه أن ترى نفسك في قبضته يصرفك كيف يشاء فمن قال سبحان الله على يقين من قلبه فقد صفت معرفته لله ومن قال الحمد لله على بصيرة منه فقد صح افتقاره إليه (والتكبير يملأ ما بين السماء والأرض) لأن نظر العبد في مصالح نفسه إلى السماء والأرض إذ رزقه في السماء وقوته وقراره في الأرض فكلما دخل عليه مما يخل بعبودية الله من نظر إلى غير الله ورجاء وسكون لغيره فذلك المنظور إليه والمعكوف عليه هو بين السماء والأرض فإذا قال الله أكبر على يقين من أن يرد قضاؤه أو يضر معه ضار أو ينفع دونه نافع فكأنه لم ير بين السماء والأرض ولا فيهما إلا هو فإذا رفع الوسائط بينه وبينه ملأ له ما بين سمائه وأرضه نورا وجعل ما بينهما قواما لعيشه وخداما لإرادته وسخر له ذلك بإرادته كله (والصوم نصف الصبر) لأن الصبر حبس النفس على ما أمر الله أن يؤديه والصوم حبسها عن شهواتها وهي مناهي الله فمن حبس نفسه عنها فهو آت بنصف الصبر فإن صبر على إقامة أوامره فقد أتى بكمال الصبر (والطهور نصف الإيمان) لأن الإيمان تطهير السر عن دنس الشرك وتطهير الجوارح عن عبادة غير الله فمن تطهر لله فقد طهر ظاهره فقد أتى بنصف الإيمان فإن طهر باطنه استكمل الإيمان. (ت عن رجل من بني سليم).
3405 (التسويف) أي المطل (شعار) في رواية الديلمي شعاع (الشيطان يلقيه في قلوب