فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٣ - الصفحة ٣٧٦
أي يضاعف عليكم رحمته بإضعافه لكم أجرها قالوا: وهذا من جوامع الكلم (ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في ذم الغضب) أي في كتاب ذمه (عن محمد بن عمير) بالتصغير (العبدي) ورواه الأصبهاني في الترغيب والديلمي في مسند الفردوس عن أنس قال الحافظ العراقي: وسنده ضعيف.
(1) من الضعة بالكسر الهوان والمراد بالتواضع إظهار التنزل عن المرتبة لمن يراد تعظيمه وقيل هو تعظيم من فوقه لفضله وقيل هو الاستسلام للحق وترك الإعراض على الحكم وقيل هو أن تخضع للحق وتنقاد له وتقبله ممن قاله صغيرا أو كبيرا شريفا أو وضيعا عبدا أو حرا ذكرا أو غيره نظرا للقول لا للقائل فهو إنما يتواضع للحق وينقاد له وقيل هو أن لا يرى لنفسه مقاما ولا حالا يفضل بهما غيره ولا يرى أن في الخلق من هو شر منه.
(تتمة) * مر الحسن بن علي بصبيان معهم كسر خبز فاستضافوه أدبا معه فنزل وأكل معهم وإن كان ذا جاه وحرمة تواضعا ولخبر من دعي فليجب ولو إلى كراع ثم حملهم إلى منزله وأطعمهم وكساهم وقال: اليد أي النعمة لهم حيث أحسنوا أولا وبذلوا ما أمكنهم لأنهم لم يجدوا غير ما أطعموني ونحن نجد أكثر منه.
3412 (التوبة من الذنب أن لا تعود إليه أبدا) قال العلائي: ليس معناه أن صحتها مشروطة بعدم العود في مثل ذلك الذنب بل إنها مشروطة بالعزم على عدم الوقوع قال الغزالي رضي الله عنه للتوبة ثمرتان إحداهما تكفير السيئات حتى يصير كمن لا ذنب له والثاني نيل الدرجات حتى يصير حبيبا وللتكفير درجات فبعضها محو لأصل الذنب بالكلية وبعضها تخفيف له وكان الحسن البصري رضي الله تعالى عنه يقول: إذا أذنب العبد ثم تاب لم يزدد من الله إلا قربا وهكذا كلما أذنب لأنه دائم السير بذنب وبلا ذنب حتى يصل إلى الآخرة. (ابن مردويه) في التفسير (هب) وكذا الديلمي (عن ابن مسعود) ثم قال أعني البيهقي: رفعه ضعيف اه‍. وهو مع وقفه ضعيف أيضا ففيه كما قال العلائي إبراهيم بن مسلم الهجري وبكر بن خنيس ضعفهما النسائي وغيره وقال الهيثمي: رواه أحمد بلفظ التوبة من الذنب أن يتوب منه ثم لا يعود فيه وسنده ضعيف أيضا.
3413 (التوبة النصوح) أي الصادقة أو البالغة في النصح أو الخالصة أو غير ذلك قال القرطبي في تفسيرها ثلاث وعشرون قولا (الندم على الذنب حين يفرط منك فتستغفر الله ثم لا تعود إليه أبدا) أي ثم تنوي أن لا تعود إليه بقية عمرك بأن يوطن قلبه ويجرد عزمه على عدم العود إليه البتة فإن ترك وتردد في عوده إليه فهو لم يتبمنه. (تنبيه) * قال العارف ابن عربي: إذا فتح الله عين بصيرتك ورزقك الرجوع إليه المسمى توبة فانظر أي حالة أنت عليها لا تزول عنها إن كنت واليا أثبت على ولايتك أو عزبا فلا تتزوج أو متزوجا فلا تطلق واشرع في العمل بتقوى الله في الحالة التي أنت عليها كائنة ما كانت فإن لله في كل حال باب قربة إليه فاقرع ذلك الباب يفتح لك فلا تحرم نفسك خيره ولا تتحرك بحركة ناويا فيها قربة حتى المباح فإن فيه قربة من حيث إن إيمانك به أنه مباح ولهذا أتيته فتثاب عليه ولا بد حتى المعصية إذا أتيتها فانو المعصية فيها أي أنها معصية فتؤجر في الإيمان بها أنها معصية ولذلك لا تخلص معصية للمؤمن من غير أن يخالطها عمل صالح وهو الإيمان بكونها معصية وهم الذين اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا إلى هنا كلامه (ابن أبي حاتم وابن مردويه) في التفسير (عن أبي) بن كعب.
(٣٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 ... » »»
الفهرست