فتشديد كما تقرر (جعظري مستكبر) صاحب كبر والكبر تعظيم المرء نفسه واحتقاره غيره والأنفة من مساواته. (تنبيه) قال ابن عربي في كلامه على الأولين: إنما نالوا هذه المرتبة عند الله لأنهم صانوا قلوبهم أن يدخلها غير الله أو تتعلق بكون من الأكوان سوى الله فليس لهم جلوس إلا مع الله ولا حديث إلا مع الله فهم في الله قائمون وفي الله ناظرون وإليه داخلون ومنقلبون وعنه ناطقون ومنه آخذون وعليه متوكلون وعنده قاطنون فما لهم معروف سواه ولا مشهود إلا إياه صانوا نفوسهم عن نفوسهم فلا تعرفهم نفوسهم فهم في غيابات الغيب المحجوبون وهم ضنائن الحق المستخلصون يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق مشي ستر كله حجاب فهذا حال هذه الطائفة (حم ق) في التفسير وغيره (ت) في صفة النار (ن) في التفسير (ه) في الزهد (عن حارثة بن وهب الخزاعي) أخي عبد الله بن عمر لأمه، قيل هو الذي استطول صلاة معاذ فانصرف وفي الباب أبو هريرة وابن عمر وغيرهما.
(1) يوجد في النسخة هنا بياض.
2857 (ألا أخبركم بخيركم من شركم) قال الطيبي: من شركم حال أي أخبركم بخيركم مميزا من شركم اه والمراد أخبركم بما يميز بين الفريقين قالوا: بلى قال: (خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره) أي من يؤمل الناس الخير من جهته ويأمنون الشر من جهته (وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره) أي وشركم من لا يؤمل الناس حصول الخير لهم من جهته ولا يأمنون من شره. قال الطيبي:
التقسيم العقلي يقتضي أربعة أقسام ذكر قسمين ترغيبا وترهيبا وترك الآخرين إذ لا ترغيب ولا ترهيب فيهما. قال الماوردي: يشير بهذا الحديث إلى أن عدل الإنسان مع أكفائه واجب وذلك يكون بثلاثة أشياء ترك الاستطالة ومجانبة الإذلال وكف الأذى لأن ترك الاستطالة آلف ومجانبة الإذلال أعطف وكف الأذى أنصف. وهذه أمور إن لم تخلص في الأكفاء أسرع فيهم تقاطع الأعداء ففسدوا وأفسدوا، إلى هنا كلامه.
(حم ت حب عن أبو هريرة) قال: وقف النبي صلى الله عليه وسلم على ناس جلوس فقال: ألا أخبركم بخيركم من شركم فسكتوا فقال ثلاثا فقال له رجل: يا رسول الله أخبرنا فذكره لما توهموا معنى التمييز تخوفوا من الفضيحة فسكتوا حتى قالها ثلاثا فأبرز البيان في معرض العموم لئلا يفتضحوا قال الذهبي في المهذب: سنده جيد وفي الباب أنس وغيره.
2858 (ألا أخبركم بخير الناس) أي بمن هو من خير الناس إذ ليس الغازي أفضل من جميع الناس مطلقا وكذا قوله (وشر الناس) إذ الكافر شر منه (إن من خير الناس رجلا عمل في سبيل الله عز وجل) أي جاهد الكفار لإعلاء كلمة الله (على ظهر فرسه أو على ظهر بعيره) أي راكبا على واحد منهما