فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٦٩٦
وجعل يوم إكمال الخلق مجمعا وعيد للمؤمنين يجتمعون فيه لعبادته وذكره والتفرغ من أشغال الدنيا لشكره والإقبال على خدمته وذكر ما كان في ذلك اليوم وما يكون من المعاد (فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيام) أي لا تخصوه بذلك من بين الأيام (ولكن اجعلوه يوم فطر) وذكر لله تعالى (إلا أن تخلطوه بأيام) بأن تصوموا يوما قبله أو يوما بعده فإنه لا كراهة في صومه حينئذ فإفراد الجمعة بصوم نفل مكروه تنزيها ولو حلف أن يوم الجمعة يوم عيد لم يحنث لهذا الخبر وإن كان العرف لا يقتضيه كذا في شرح أحكام عبد الحق واحتج بهذا الحديث بعض الحنابلة إلى ما ذهب إليه جمع من السلف ونقل عن أحمد أنه من صلى قبل الزوال أجزأته لأنه لما سماه عيدا جازت الصلاة فيه في وقت العيد كالفطر والأضحى ومنع بأنه لا يلزم من تسميته عيدا اشتماله على جميع أحكام العيد بدليل أن يوم العيد يحرم صومه مطلقا سواء صام قبله أو بعده بخلاف يوم الجمعة باتفاق (تنبيه) قال الراغب والعيد ما يعاد مرة بعد أخرى وخصه الشرع بيومي الأضحى والفطر ولما كان ذلك اليوم مجعولا في الشرع للسرور واستعمل العيد في كل يوم مسرة أيا ما كان (هب عن أبي هريرة) ورواه الحاكم من حديث أبي بشر من حديث أبي هريرة ثم قال لم أقف على اسم أبي بشر اه‍ قال الذهبي وهو مجهول ورواه البزار بنحوه قال الهيثمي وسنده حسن.
2520 - (إن يوم الثلاثاء يوم الدم) أي يوم غلبته على الدم وهيجانه فيه أو يوم كان الدم فيه يعني قتل ابن آدم أخاه فيه (وفيه ساعة) أي لحظة وإرادة الساعة النجومية بعيد (لا يرقأ) بهمز آخره لا ينقطع الدم فيها لو احتجم أو افتصد فيه وربما هلك به المرء قال ابن جرير قال زهير مات عندنا ثلاثة ممن احتجم، وأخفيت هذه الساعة لتترك الحجامة فيه كله خوفا من مصادفتها كما في نظائره (تنبيه) روى أبو يعلى من حديث الحسين بن علي مرفوعا في الجمعة ساعة لا يوافقها رجل يحتجم فيها إلا مات وقوله في الجمعة يحتمل أن المراد به يوم الجمعة فيكون كيوم الثلاثاء في ذلك ويحتمل أن المراد الجمعة كلها وأن الحديث المشروح عين تلك الساعة في يوم الثلاثاء والأول أقرب ولم أر من تعرض له (د) في الطب (عن أبي بكرة) بفتح الموحدة قال الذهبي في المهذب إسناده لين وقال الصدر المناوي فيه بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة قال ابن معين ليس بشئ وابن عدي من جملة الضعفاء الذي يكتب حديثهم اه‍ لكن يقويه رواية ابن جرير له في التهذيب من طرق وأما زعم ابن الجوزي وضعه فلم يوافقوه.
2521 - (إنا) أي العرب وزعم أنه أراد نفسه ينافره السياق ويأباه قوله (أمة) جماعة عرب (أمية) أي باقون على ما ولدتنا عليه أمهاتنا من عدم القراءة والكتابة ثم بين ذلك بقوله (لا نكتب) أي لا يكتب فينا إلا الفرد النادر قال الله تعالى * (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم) * [الجمعة: 3] (ولا نحسب) بضم السين أي لا نعرف حساب النجوم وتسييرها فالعمل بقول المنجمين ليس من هدينا
(٦٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 691 692 693 694 695 696 697 698 699 700 701 ... » »»