فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٦٩٣
الأدب وهو الدعاء إلى الطعام كالمعتبة بمعنى العتب وأما المأدبة فاسم للصنيع نفسه كالوكيرة والوليمة (فاقبلوا من مأدبته ما استطعتم) تمامه عند الحاكم إن هذا القرآن حبل الله والنور المبين والشفاء النافع عصمة لمن تمسك به ونجاة لمن تبعه لا يزيغ فيستعتب ولا يعوج فيقوم ولا تنقضي عجائبه ولا يخلق من كثرة الرد اتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته كل حرف عشر حسنات أما إني لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف انتهى فاقتصار المصنف على بعضه وإن جاز لمثله تقصير (ك) في فضائل القرآن من حديث إبراهيم الهجرمي عن أبي الأحوص (عن) عبد الله (بن مسعود) قال الحاكم تفرد به صالح بن عمر عنه وهو صحيح وتعقبه الذهبي بأن صالحا ثقة خرج له مسلم لكن إبراهيم بن مسلم ضعيف انتهى.
2514 - (إن هذا المال) في الميل إليه وحرص النفوس عليه (خضر حلو) بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين أي غض شهى يميل الطبع ولا يميل عنه كما لا تمل العين من النظر إلى الخضرة والفم من أكل الحلو وفي تشبيهه بالخضر إشارة إلى سرعة زواله إذ الأخضر أسرع الألوان تغيرا ولفظ رواية البخاري إن هذا المال خضرة حلوة قال الزركشي نبه بتأنيث الخبر على تأنيث المبتدأ وتقديره إن صورة هذا المال أو التأنيث للمعنى لأنه اسم جامع لأشياء كثيرة وقال ابن حجر أنث الخبر لأن المراد الدنيا (فمن أخذه) ممن يدفعه (لحقه) لفظ رواية البخاري بسخاوة نفس أي بطيبها من غير حرص (بورك له فيها) أي بارك الله له في المأخوذ (ومن أخذه بإشراف) بكسر الهمزة وشين معجمة أي بطمع (نفس) أو مكتسبا له بطلب نفسه وحرصها عليه قال الزركشي فالهاء راجعة إلى لفظ المال وإشراف النفس تطلعها للأخذ والعلو والغلو فيه (لم يبارك له) أي لم يبارك للأخذ (فيه) أي فيما أخذه (وكان) أي للآخذ (كالذي) أي كالحيوان الذي به الجوع الكالب بحيث (يأكل ولا يشبع) ويسمى جوع الكلب كلما ازاداد أكلا ازداد جوعا فكلما نال منه شيئا ازدادت رغبته واستقل ما عنده ونظر إلى ما فوقه وإلى من فوقه (واليد العليا) بضم العين مقصورا المنفقة أو المتعففة (خير من اليد السفلى) السائلة أو الآخذة أو العليا يد من تعفف عن السؤال والسفلى يد السائل وعليه فعلوها معنوي ومقصود الحديث أن الأخذ بسخاء نفس يحصل البركة في الرزق فإن الزهد يحصل خير الدارين (حم ق ت ن عن حكيم بن حزام) قال سالت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم ذكره فقلت والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدا بعدك أبدا وظاهر صنيع المؤلف أن كلا من الكل روى الكل والأمر بخلافه فمسلم إنما رواه بدون قوله وإن اليد إلخ.
2515 - (إن هذا المال) كبقلة أو كفاكهة أو كروضة أو كشجرة متصفة بأنها (خضرة) في المنظر (حلوة) في المذاق وكل من الوصفين ممال إليه على انفراده فكيف إذا اجتمعا فالتأنيث واقع على التشبيه
(٦٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 688 689 690 691 692 693 694 695 696 697 698 ... » »»