الخوف هذا أصله والظاهر أنه هنا بمعنى مطلق الخوف لا بقيد الشدة فتدبر قال راويه أبو سعيد والله لو حبوت بها أحدا لحبوت بها قومي (البزار) في مسنده (ك) في مستدركه كلاهما (عن أبي سعيد) الخدري قال الهيثمي رواه البزار عن شيخه حمزة بن مالك عن أبي حمزة ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات.
2394 - (إن للوضوء شيطانا يقال له الولهان) بفتح الواو مصدر معناه المتحير من شدة العشق سمي به هذا الشيطان لإغوائه الناس في التحير في الوضوء والطهارة حتى لا يعلموا هل عم الماء العضو أم لا وكم غسل مرة ونحو ذلك من الشكوك والأوهام (فاتقوا وسواس الماء) أي احذروا وسوسة الولهان فوضع الماء موضع ضميره مبالغة في كمال وسواسه في شأن الماء وإيقاع الناس في التحير حتى يتحيروا هل وصل الماء إلى أعضاء الوضوء والغسل أو لم يصل وهل غسل مرة أو أكثر وهل هو طاهر أو نجس أو بلغ قلتين أم لا وغير ذلك والوسواس بالفتح اسم من وسوست إليه نفسه إذا حدثته وبالكسر مصدر قال في المصباح ويقال لما يخطر بالقلب من شر ولما لا خير فيه وسواس قال الغزالي من وهن علم الرجل ولوعه بالماء الطهور وقال ابن أدهم أول ما يبدأ الوسواس من قبل الطهور وقال أحمد من فقه الرجل قلة ولوعه بالماء وقال المروزي وضأت أبا عبد الله بن العسكري فسترته من الناس لئلا يقولوا لا يحسن الوضوء لقلة صبه الماء وكان أحمد يتوضأ فلا يكاد يبل الثرى ومن مفاسد وسواس الماء شغل ذمته بالزائد على حاجته فيما لو كان لغيره كموقوف أو نحو حمام فيخرج منه وهو مرتهن الذمة بما زاد حتى يحكم بينه وبين صاحبه رب العباد انتهى. (تنبيه) ظاهر الخبر أن لكل نوع من المخالفات والوساوس شيطانا يخصه ويدعو إليه قال الغزالي واختلاف المسببات يدل على اختلاف الأسباب قال مجاهد لإبليس خمسة أولاد جعل كل واحد منهم على شئ وهم شبر والأعور وسوط وداسم وزلنبور فشبر صاحب المصائب الذي يأمر بالثبور وشق الجيوب ولطم الخدود ودعوى الجاهلية والأعور صاحب الزنا يأمر به ويزينه لهم وسوى صاحب الكذب وداسم يدخل مع الرجل على أهله يريه العيب فيهم ويغضبه عليهم وزلنبور صاحب السوق وشيطان الصلاة يسمى خنزب والوضوء يسمى الولهان وكما أن الملائكة فيهم كثرة. ففي الشياطين كثرة (تتمة) الوسوسة من آفات الطهارة وأصلها جهل بالسنة أو خبال في العقل ومتبعها متكبر مذل نفسه يسئ الظن بعباد الله معتمد على عمله معجب به وقوته وعلاجها بالتلهي عنها والإكثار من سبحان الملك الخلاق * (إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز) * [إبراهيم: 19] كذا في النصائح قال الحكيم فأما القلوب التي ولجها عظمة الله وجلاله فهابت واستقرت فقد انتفى عنهم وسواس نفوسهم ووسواس عدوهم قال ومن هنا أنب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل الوسوسة فقال هكذا خرجت عظمة الله من قلوب بني إسرائيل حتى شهدت أبدانهم وغابت قلوبهم ثم روى حديثا أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني أدخل في صلاتي فلم أدرأ على شفع أم على وتر من وسوسة أجدها في صدري فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجدت ذلك فاطعن أصبعك هذه يعني السبابة في فخذك اليسرى وقل بسم الله فإنها سكين الشيطان أو مديته (ت ه) وفيه