ينطق بها على وجهها (فأتاني بها جبريل) عليه السلام (فحفظنيها) فلذلك حاز قصب السبق في النطق باللغة التي هي أفصح اللغات وصار باعثا للتصدي للبلاغة التي هي أعم البلاغات وأفحم بلغاء العرب كافة، فلم يدع شعبا من شعوبهم ولا بطنا من بطونهم ولا فخذا من أفخاذهم من شعراء مفلقين وخطباء مصاقع يرمون في حدق البيان عند هدر الشقاشق ويصيبون الأعراض بالكلم الرواشق إلا أعجزه وأذله وحيره في أمره وأعله (الغطريف في جزئه) الحديثي (وابن عساكر) في التاريخ (عن عمر) بن الخطاب.
2402 - (إن لقارئ القرآن دعوة مستجابة) عند ختمه (فإن شاء صاحبها تعجلها) بالمثناة الفوقية (في الدنيا) أي دعا الله تعالى أن يعجلها له فيها فيعجلها (وإن شاء أخرها) بالتشديد (إلى الآخرة) والله خير وأبقى والظاهر أن المراد بهذا أن يؤذن له في الشفاعة يوم القيامة لمن أحب (ابن مردويه) في التفسير (عن جابر) بن عبد الله.
2403 - (إن لقمان الحكيم) أي المتقن للحكمة وقد مر تعريفها (قال إن الله إذا استودع شيئا حفظه) لأن العبد عاجز ضعيف والأسباب التي أعطيها عاجزة ضعيفة مثله فإذا تبرأ العبد من الأسباب وتخلى من وبالها وتحلى بالاعتراف بالضعف واستودع الله شيئا فهذا منه في ذلك الوقت تخلى وتبرى من حفظه ومراقبته فيكلأه الله ويرعاه ويحفظه والله خير حفظا وأخرج الحكيم عن ابن عمر أن عمر عرض الناس فإذا برجل معه ابنه فقال عمر رضي الله عنه ما رأيت غرابا أشبه بهذا منك. قال والله يا أمير المؤمنين ولدته أمه في القبر فاستوى قاعدا، فقال حدثني، فقال غزوت وأمه حامل فقالت تدعني حاملا معقلا قلت أستودع الله ما في بطنك فلما قدمت وجدتها ماتت فبت عند قبرها وبكيت فرفعت لي نار علية فقلت إنا لله أما والله كانت عفيفة صوامة قوامة فتأملت فإذا القبر مفتوح وهو يدب حولها ونوديت أيها المستودع ربه وديعته خذ وديعتك أما لو استودعته وأمه لوجدتهما. فأخذته فعاد القبر كما كان (حم عن ابن عمر) بن الخطاب.
2404 - (إن لك) بكسر الكاف خطابا لعائشة رضي الله عنها لما كانت معتمرة (من الأجر) أي أجر نسكك (على قدر نصبك) بالتحريك أي تعبك ومشقتك (ونفقتك) لأن الجزاء على قدر المشقة.
قال النووي: ظاهره أن أجر العبادة بقدر النصب والنفقة قال ابن حجر وهو كما قال لكن لا يطرد فرب عبادة أخف وأكثر ثوابا كقيام ليلة القدر بالنسبة لغيرها وأمثلته قد أكثر من تعدادها ابن عبد السلام وغيره (ك) في الحج (عن عائشة) وقال على شرطهما وأقره الذهبي.