فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٦٣٤
اختلفت الحوادث دل على اختلاف الأسباب فمهما استنار حيطان البيت بنور النار وأظلم سقفه واسود علم أن سبب السواد غير سبب الاستنارة وكذا الأنوار في القلب وظلماته سببان فسبب الخاطر الداعي للخير يسمى ملكا والداعي للشر شيطانا واللطف الذي به تهيأ القلب لقبول لمة الملك يسمى توقيفا واللطف الذي به تهيأ القلب لقبول وسواس الشيطان إغواءا وخذلانا فإن المعاني مختلفة إلى أسامي مختلفة والملك عبارة عن خلق خلقه الله شأنه إفاضة الخير وإفادة العلم وكشف الحق والوعد بالمعروف والشيطان عبارة عن خلق شأنه الوعيد بالشر والأمر بالفحشاء فالوسوسة في مقابلة الإلهام والشيطان في مقابلة الملك والتوفيق في مقابلة الخذلان وإليه يشير بآية * (ومن كل شئ خلقنا زوجين) * والقلب متجاذب بين الشيطان والملك فرحم الله عبدا وقف عند همه فما كان لله أمضاه وما كان من عدوه جاهده والقلب بأصل الفطرة صالح لقبول آثار الملائكة وآثار الشياطين صلاحا متساويا لكن يترجح أحدهما باتباع الهوى والاكباب على الشهوات والإعراض عنها ومخالفتها واعلم أن الخواطر تنقسم إلى ما يعلم قطعا أنه داعي إلى الشر فلا يخفى كونه وسوسة وإلى ما يعلم أنه داعي إلى الخير فلا يشك كونه إلهاما وإلى ما يتردد فيه فلا يدري أنه من لمة الملك أو لمة الشيطان فإن من مكايد الشيطان أن يعرض الشر في معرض الخير والتمييز بينهما غامض فحق العبد أن يقف عند كل هم يخطر له ليعلم أنه لمة الملك أو لمة الشيطان وأن يمعن النظر فيه بنور البصيرة لا بهوى الطبع ولا يطلع عليه إلا بنور اليقين وغزارة العلم * (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا) * [الأعراف:
201] (ت ن) كلاهما في التفسير (حب عن ابن مسعود) قال الترمذي حسن غريب لا نعلمه مرفوعا إلا من حديث أبي الأحوص وسندهما سند مسلم إلا عطاء بن السائب فلم يخرج له مسلم إلا متابعة.
2385 - (إن للصائم عند فطره لدعوة ما ترد) ولهذا كان ابن عمر رواية يقول عند فطره يا واسع المغفرة اغفر لي، قال الحكيم: خصت هذه الأمة في شأن الدعاء فقيل * (ادعوني استجب لكم) * [غافر: 60] وإنما ذلك للأنبياء. فأعطيت هذه الأمة ما أعطيت الأنبياء عليهم السلام فلما خلطوا في أمورهم لما استولى على قلوبهم من الشهوات حجبت قلوبهم والصوم يكف الشهوات فإذا ترك شهوته صفا قلبه وتوالت عليه الأنوار فاستجيب له ثم إن هذا الحديث ونحوه إنما هو فيمن أعطى الصوم حقه من حفظ اللسان والجنان والأركان، فقد ورد عن سيد ولد عدنان فيما رواه الحكيم الترمذي إن على أبواب السماء حجابا يردون أعمال أهل الكبر والحسد والغيبة (ه ك) في الزكاة من حديث إسحاق بن عبد الله عن ابن أ بي مليكة (عن ابن عمرو) بن العاص قال الحاكم: إن كان إسحاق مولى زائدة فقد روى له مسلم وإن كان ابن أبي فروة فواه.
2386 - (إن للطاعم) أي متناول الطعام المفطر الذي لم يصم نفلا (الشاكر) لله سبحانه على ما أطعمه (من الأجر) أي الثواب في الآخرة (مثل ما) أي مثل الأجر الذي (للصائم الصابر) على الجوع
(٦٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 629 630 631 632 633 634 635 636 637 638 639 ... » »»