فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٣٣٧
1806 - (إن الله تعالى هو الخالق) لجميع المخلوقات لا غيره (القابض) أي الذي له هذه الصفة وهي إيقاع القبض والإقتار بمن يشاء وإن اتسعت أمواله قال الحرالي والقبض إكمال الأخذ أصله القبض باليد كلها (الباسط) لمن يشاء من عباده وإن ضاقت حاله والبسط توسعة المجتمع إلى حد غايته (الرزاق) من شاء من عباده ما شاء (المسعر) أي الذي يرفع سعر الأقوات ويضعها فليس ذلك إلا إليه وما تولاه الله بنفسه ولم يكله إلى عباده لا دخل لهم فيه، قال الطيبي هذا جواب على سبيل التعليل للامتناع عن التسعير وأكد بأن وضمير الفصل وتعريف الخبر ليدل على التأكيد ثم رتب الحكم على الوصف المناسب فمن حاول التسعير فقد عارض الخالق ونازعه في مراده ومنع العباد حقهم مما أولاهم الله في الغلاء والرخص فبين أن المانع له من التسعير ما في ضمن ذلك من كونه ظلما للناس في أموالهم لكونه تصرفا فيها بغير إذنهم بقوله (وإني لأرجو) أي أؤمل (أن ألقى الله تعالى) في القيامة (ولا يطلبني) أي يطالبني (أحد بمظلمة) بالفتح وكسر اللام اسم لما أخذ ظلما (ظلمتها إياه) أي ظلمته بها (في دم) أي في سفكه (ولا مال) أراد بالمال هذا التسعير لأنه مأخوذ من المظلوم قهرا وهو كأرش الجناية وإنما أتى بمظلمة توطئة له ذكره الطيبي قال: وعطف قوله ولا مال على قوله ولا دم وجئ بلا النافية للتوكيد من غير تكرير لأن المعطوف عليه في سياق النفي وهذا أصل في إيجاب الإمام الأعظم العدل على نفسه وأفاد أن التسعير حرام لأنه جعله مظلمة وبه قال مالك والشافعي وجوزه ربيعة وهو مذهب عمر لأن به حفظ نظام الأسعار وقال ابن العربي المالكي الحق جواز التسعير وضبط الأمر على قانون ليس فيه مظلمة لأحد من الطائفتين وما قاله المصطفى صلى الله عليه وسلم حق وما فعله حكم لكن على قوم صحت نياتهم وديانتهم أما قوم قصدوا أكل مال الناس والتضييق عليهم فباب الله أوسع وحكمه أمضى. اه‍.
وفصل قوم بين الغلاء والرخص ومن مفاسد التسعير تحريك الرغائب والحمل على الامتناع من البيع والجلب المؤدي إلى القحط والغلاء قال القاضي والسعر القيمة التي يقدر بها في الأسواق سميت به لأنها ترتفع والتركيب لما له ارتفاع والتسعير تقديرها (حم د ت ه حب هب) في البيع كلهم (عن أنس) قال غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا سعر لنا فذكره قال الترمذي حسن صحيح.
1807 - (إن الله تعالى وتر) أي واحد في ذاته لا يقبل الانقسام والتجزئة واحد في صفاته فلا شبيه له واحد في أفعاله فلا شريك له * (ليس كمثله شئ وهو السميع البصير) * [الشورى: 11] (يحب الوتر) أي صلاته أو أعم بمعنى أنه يثيب عليه ويقبله من عامله قبولا حسنا قال القاضي وكل ما يناسب الشئ أدنى مناسبة كان أحب إليه مما لم يكن له تلك المناسبة قال ابن عربي فتعين عليك أن تكون من أهل الوتر في جميع أفعالك حتى تطلب العدد والكمية وقد أمرك الله تعالى بقوله في الخبر الآتي
(٣٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 ... » »»