فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٢
كرم الله وجهه قريب بعيد إذا المراد بالقرابة القريبة من هي في أول درجات الخؤولة والعمومة، وفاطمة رضي الله تعالى عنها بنت ابن عم فهي بعيدة ونكاحها أولى من الأجنبية وأما الجواب بأن عليا رضي الله تعالى عنه لم يكن إذ ذاك كفؤا لفاطمة سواه فمطعون فيه بأن أباه كافر وأبوها سيد البشر (طب عن ابن مسعود) قال الهيثمي رجاله ثقات.
1694 - (إن الله أمرني أن أسمي المدينة طيبة) بالفتح والتخفيف مؤنث طيب بالفتح لغة في طيب بكسر الطاء الرائحة الحسنة أو صاحبها أو تخفيف الطيب تأنيث الطيب بالفتح والتشديد أي الطاهرة التربة أو من النفاق أو من الشرك، سماها بذلك لأنه سبحانه طيبها بهجرته إليها وجعلها محل نصرته وموضع تربته ولها أسماء كثيرة قال ابن القيم ويكره تسميتها يثرب كراهة شديدة وإنما حكاه الله عن المنافقين (طب عن جابر بن سمرة).
1695 - (إن الله أمرني بمداراة الناس (1) أي بملاطفتهم وملاينتهم ومؤاخاتهم والتحبب إليهم، ويهمز ولا يهمز، والأمر للوجوب بدليل قوله (كما أمرني بإقامة الفرائض) وفي رواية بدله القرآن أي أمرني بملاطفتهم قولا وفعلا والرفق بهم وتألفهم ليدخل من يدخل منهم في الدين ويتقي المسلمون شر من قدر عليه الشقاء، ومن ثم قال حكيم هذا الأمر لا يصلحه إلا لين من غير ضعف وشدة من غير عنف وهذه هي المداراة أما المداهنة وهي بذل الدين لصلاح الدنيا فمحرمة مذمومة، وعلم مما تقرر أن أمره بالمداراة لا يعارض أمره بالإغلاظ على الكفار وبعثه السيف لأن المداراة تكون أولا فإن لم تفد فالإغلاظ فإن لم يفد فالسيف (فر عن عائشة) وفيه أحمد بن كامل أورده الذهبي في الضعفاء وقال الدارقطني كان متساهلا وبشر بن عبيد الدارمي قال الذهبي ضعيف جدا وقال في الميزان بشر بن عبيد كذبه الأزدي وقال ابن عدي منكر الحديث ثم ساق من مناكيره هذا الخبر.
1696 - (إن الله أنزل الداء والدواء) أي ما أصاب أحد داء إلا قدر له، شفاء قال الحرالي والداء ما يوهن القوى ويغير الافعال العامة للطبع والاختيار، والبرء تمام التخلص من الداء والمراد بإنزاله

(١) وقد امتثل المصطفى صلى الله عليه وسلم أمر ربه فبلغ في المداراة النهاية التي لا ترتقى، وبالمداراة واحتمال الأذى يظهر الجوهر النفسي، وقد قيل لكل شئ جوهر وجوهر الإنسان العقل وجوهر العقل المداراة فما من شئ يستدل به على قوة عقل الشخص ووفور علمه وحلمه كالمداراة، والنفس لا تزال تشمئز ممن يعكس مرادها ويستفزها الغضب وبالمداراة تنقطع حمية النفس ويرد طيشها ونفورها.
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»