فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٢٦١
للواحد والجمع وما تقدمك من أجر وعمل قال التلمساني السابق ليزيل ما يخاف منه ويأخذ الأمن للمتأخر، الطيبي يريد أنه شفيع يتقدم، قال بعض المحققين والظاهر منه المرجو أن له صلى الله عليه وسلم شفاعة ونفعا غير مأمنه يوم القيامة فإنها لا تتفاوت بالموت قبل أو بعد ولأن الفرط يهئ قبل الورود، يؤيده ما نقل من حضوره عند الموت والميت ونحوه وإن احتمل أن يكون المراد يوم القيامة ولا خفاء في أن قوله فجعله إلخ إشارة إلى علة التقدم فما قيل من أنهم إذا ماتوا انقطع عملهم أو الخير في بقائهم نسلا بعد نسل مستغنى عنه مع أن فيه ما فيه (وسلفا بين يديها) وهو المقدم وكل عمل صالح قدمته أو الفرط والمقدم من الآباء والأقرباء كذا في القاموس قال البعض وهو من عطف المرادف أو أعم وفائدة التقديم الإنس والاطمئنان وقلة كربة الغربة ونحو ذلك إذا بلغت بلدا مخوفا ليس لك بها أنيس وقيل الأجر لشدة المصيبة وقد ظهر أن الاقتصار على الأجر المذكور من القصور انتهى وفي الكشاف في تفسير * (لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) * [الحجرات: 1] حقيقة قولهم جلست بين يدي فلان أن يجلس بين الجهتين المسامتتين ليمينه وشماله قريبا منه فسميت الجهتان يدين لكونهما على سم ت اليدين مع القرب منها توسعا كما يسمى الشئ باسم غيره إذا جاوزه وداناه. قال ابن الكمال وقد جرت هذه العبارة هنا على سنن ضرب من المجاز وهو الذي يسميه أهل اللسان تمثيلا (وإذا أراد هلكة أمة) بفتح الهاء واللام هلاكها (عذبها ونبيها حي) أي وهو مقيم بين أظهرها قيدها في قيد الحياة (فأهلكها) الفاء للتعقيب (وهو ينظر) أي والحال أن نبيها ينظر إلى إهلاكهم قال الجوهري النظر تأمل الشئ بالعين (فأقر عينه) الفاء للتفريع أي فرحه الله وبلغه الله أمنيته. وذلك لأن المستبشر الضاحك يخرج من عينيه ماء بارد فيقر (بهلكتها) في حياته (حين كذبوه) في دعواه النبوة والرسالة (وعصوا أمره) بعدم اتباع ما جاء به عن الله وإنما كان موت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أمته رحمة لأنه يكون مصيبة عظيمة لهم ثم يتمسكون بشرعه بعده فتضاعف أجورهم وأما هلكة الأمة قبل نبيها فإنما يكون بدعائه عليهم ومخالفتهم أمره كما فعل بقوم نوح عليه السلام فالمراد من الأمة الأولى أمة الإجابة وبالثانية أمة الدعوة وفيه بشرى عظيمة لهذه الأمة حيث كان قبضه رحمة لهم كما كان بعثه كذلك (م) في فضائل المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم (عن أبي موسى الأشعري) قال القرطبي وغيره وهذا من الأربعة عشر حديثا المنقطعة (1) الواقعة في مسلم لأنه قال في أول سنده حدثنا عن أبي أسامة.
1676 - (إن الله تعالى إذا أراد أن يخلق) وفي نسخة يجعل (عبدا للخلافة) هي المرتبة التي يصليها من يقوم مقامها الذاهب أي من تقدمه (مسح يده على جبهته) يعني ألقى عليه المهابة والقبول ليتمكن من

(1) قلت وليس هذا حقيقة الانقطاع وإنما هو رواية مجهول وقد وقع في حاشية بعض النسخ المعتمدة قال الجلودي حدثنا محمد بن المسيب الأرغباني قال ثنا إبراهيم بن سعد الجوهري هذا الحديث عن أبي أسامة بإسناده.
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»