فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٠
الزمخشري (وسننت لكم قيامه) أي جعلت لكم الصلاة فيه ليلا سنة (فمن صامه وقامه) سالما من المعاصي قولا وفعلا (إيمانا) أي تصديقا بأنه حق وطاعة (واحتسابا) لوجهه تعالى لا رياء (ويقينا) تأكيدا لقوله إيمانا أو أراد احتسابا مجزوما به (كان كفارة لما مضى) من ذنوبه، والمراد الصغائر ما اجتنبت الكبائر كما سيجئ نظائره وقال ابن عطاء الله وقد رأينا فنظرنا كل مأمور به أو مندوب من الشارع يستلزم الجمع على الله وكل منهي عنه أو مكروه يتضمن التفرقة عنه، فإذا مطلوبه من عباده وجود الجمع عليه لكن الطاعات هي أسباب الجمع ووسائله فلذلك أمر بها والمعصية أسباب التفرقة ووسائلها فلذا نهى عنها (ن هب عن عبد الرحمن بن عوف) وإسناده حسن.
1691 - (إن الله تعالى أمرني أن أعلمكم مما علمني وأن أؤدبكم مما أدبني) لأني بعثت كالأنبياء طبيبا للأمراض القلبية والأخلاق الوحشية (إذا قمتم على أبواب حجركم) جمع حجرة (فاذكروا اسم الله) أي قولوا بسم الله والأكمل إكمال البسملة فإنكم إذا ذكرتم ذلك (يرجع الخبيث) أي الفاسد المفسد الشيطان الرجيم (عن منازلكم) أي مساكنكم (وإذا وضع بين يدي أحدكم طعام) ليأكله (فليسم الله) أي فليقل بسم الله الرحمن الرحيم (حتى لا يشارككم الخبيث) إبليس أو أعم (في أرزاقكم) فإنكم إذا لم تسموا أكل معكم قال الحراني وذلك لأن كل شئ لله فما تناوله الإنسان باسمه أخذه بإذنه وما تناوله بغير اسمه أخذه على غير وجهه بغير إذنه فيشاركه الشيطان في تناوله فيتبعه المتناول معه في خلواته * (وشاركهم في الأموال والأولاد) * [الاسراء: 64] (ومن اغتسل) منكم (بالليل) أي فيه (فليحاذر عن) أي عن كشف (عورته فإن لم يفعل) بأن لم يستر عورته (فأصابه لمم) طرف من الجنون كما في الصحاح (فلا يلومن إلا نفسه ومن بال في مغتسله) أي المحل المعد للاغتسال فيه (فأصابه الوسواس) أي مما تطاير من البول والماء (فلا يلومن إلا نفسه) إذ هو فاعل السبب (وإذا رفعتم المائدة) التي أكلتم عليها (فاكنسوا ما تحتها) من فتات الخبز وبقايا الطعام (فإن الشياطين يلتقطون ما تحتها) من ذلك (فلا تجعلوا لهم نصيبا في طعامكم) أي لا ينبغي ذلك فإنهم أعداؤكم قال الحكيم الشيطان ممنوع من مشاركة المؤمن في مطعمه ومشربه وملبسه وسائر أموره ما دام يسمي الله على كل حال فإذا ترك التسمية وجد فرصة فشاركه حتى في ضحكه. وفيه أن من حق الصالح أن لا يألو نصحا للأجانب فضلا عن المتصلين به وأن يحظيهم بالفوائد الدينية ولا يفرط في ذلك وأن شأن الأدب والاهتمام به متعين وقد تطابقت على ذلك الملل (تنبيه) كان المصطفى صلى الله عليه وسلم على الأمة شفوقا ولله
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»