فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٢٨١
يعفو) الله (أكثر) أي أن الجدب يكون بسبب بغضهم للمعروف وشحهم وغير ذلك من أعمالهم القبيحة وأعمالهم الرديئة ونياتهم الخبيثة ومع ذلك فالذي يغفره الله لهم أكثر وأعظم مما يؤاخذهم به * (ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك على ظهرها من دابة) * [النحل: 61] (ابن أبي الدنيا) أبو بكر (في قضاء الحوائج) أي في كتابه الذي ألفه في فضل قضائها (عن أبي سعيد) الخدري وفيه عثمان بن سماك عن أبي هارون العبدي قال في اللسان عن العقيلي حديثه غير محفوظ وهو مجهول بالنقل ولا يعرف به، وقال الزين العراقي رواه الدارقطني في المستجاد من رواية أبي هارون عنه وأبو هارون ضعيف ورواه الحاكم من حديث علي وصححه انتهى ورواه أيضا أبو الشيخ وأبو نعيم والديلمي من حديث أبي باللفظ المزبور.
1714 - (إن الله تعالى جعل السلام) بفتح السين المهملة (تحية لأمتنا) أمة الإجابة قال ابن حجر رحمه الله تعالى فيه دلالة على أن السلام شرع لهذه الأمة دون من تقدمهم لكن يجئ في حديث خلق آدم أته تحيته وتحية ذريته (وأمانا لأهل ذمتنا) لأن معنى السلام عليك سلامة لك مني وأمان ذكره القرطبي وسببه قال محمد بن زياد الألهاني كان أبو أمامة يسلم على كل من لقيه فما علمت أحدا سبقه بالسلام إلا يهوديا مرة اختبأ خلف أسطوانة فخرج فسلم عليه فقال أبو أمامة ما حملك على ذلك قال: رأيتك تكثر السلام فعلمت أنه فضل فأحببت أن آخذ به فقال حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره قال ابن حجر قالت طائفة منهم ابن وهب وعون يجوز ابتداء أهل الذمة بالسلام استدلالا بهذا ونحوه ولقوله تعالى:
* (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين) * [الممتحنة: 8] وقول إبراهيم عليه السلام لأبيه سلام عليك ولآية * (فاصفح عنهم وقل سلام) * [الزخرف: 89] وقال البيهقي بعد أن ساق حديث أبي أمامة هذا رأي أبي أمامة، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه في النهي عن ابتدائهم أولى انتهى. والجمهور على عدم جواز ابتدائهم به وحمل بعضهم المنع على ما إذا كان ابتداؤهم لغير سبب ولا ضرورة والجواز على اختياره قال النووي رضي الله عنه إذا اضطر إلى السلام بمن خاف ترتيب مفسدة في دين أو دنيا إن لم يسلم سلم، قال ابن العربي رضي الله عنه وينوي حينئذ أن السلام اسم من أسماء الله فكأنه يقول هو رقيب عليكم (1) (طب) وكذا في الأوسط (هب) كلاهما (عن أبي أمامة) قال الهيثمي وفيه عندهما بكر بن سهل الدمياطي ضعفه النسائي وغيره.

(1) وكان نفطويه يقول إذا سلمت على ذمي فقلت أطال الله بقاءك وأدام سلامتك فإنما أريد الحكاية أي إن الله فعل به ذلك إلى هذا الوقت.
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»