قبل أن يعرف ما هو فأسرع الناس غضبا الصبيان والنساء وأكثرهم ضجرا الشيوخ وأجل الناس شجاعة وأفضلهم مجاهدة وأعظمهم قوة من كظم الغيظ.
(ألا إن خير الناس التجار) بضم التاء جمع تاجر (من) أي تاجر (كان حسن القضاء) أي الوفاء لما عليه من ديون التجارة ونحوها (حسن الطلب) أي سهل التقاضي يرحم المعسر وينظره ولا يضايق الموسر في الأشياء التافهة ولا يلجئه إلى الوفاء في وقت معين ولا من مال معين (وشر التجار من كان سئ القضاء) أي لا يوفي لغريمه دينه إلا بكلفة ومشقة وتماطل مع يساره (سئ الطلب) أي ملح على مديونه بالطلب من غير مرحمة ولا شفقة بل بصعوبة مع علمه باعساره إذ ذاك (فإذا كان الرجل) التاجر وذكر الرجل وصف طردي لأن غالب المتجر إنما يتعاناه الرجال لا لإخراج النساء (حسن القضاء سئ الطلب أو كان) بعكسه (سئ القضاء حسن الطلب فإنها بها) أي فإحدى الخصلتين تقابل بالأخرى نظير ما تقدم ويجري ذلك كله في كل من له حق أو عليه حق وإنما خص التجار لأكثرية القضاء والتقاضي فيما بينهم (ألا إن لكل غادر لواء) أي ينصب له (يوم القيامة) لواء حقيقة (بقدر غدرته) فإن كانت كبيرة نصب له لواء كبير وإن كانت صغيرة فصغير وفي خبر أنه يكون عند استه وقيل اللواء مجاز والمراد شهرة حاله وإذاعته بين الملأ في ذلك الموقف الأعظم (ألا وإن أكبر الغدر غدر أمير عامة) بالإضافة (ألا لا يمنعن رجلا مهابة الناس أن يتكلم بالحق إذا علمه) فإن ذلك يجب عليه وليست مهابة الناس عذرا في التخلف بشرط سلامة العاقبة (ألا إن أفضل الجهاد) أي أنواعه (كلمة حق) يتكلم بها كأمر بمعروف أو نهي عن منكر (عند سلطان جائر) أي ظالم فإن ذلك أفضل من جهاد العدو لأنه أعظم خطرا كما سلف تقريره عما قريب (ألا إن مثل ما بقي من الدنيا فيما مضى منها مثل ما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه) يعني ما بقي من الدنيا أقصر وأقل مما سلف منها فهي ولت حذاء ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء وإذا كانت بقية الشئ وإن كثرت في نفسها قليلة بالإضافة إلى معظمه كانت خليقة بأن توصف بالقلة ذكره الزمخشري (حم ت ك هب) كلهم (عن أبي سعيد) الخدري قال صلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم العصر ثم قام خطيبا فلم يدع شيئا يكون إلى قيام الساعة إلا أخبرنا به حفظه من حفظه ونسيه من نسيه وكان فيما قال أما بعد إلى آخره وفيه علي بن زيد بن جدعان أورده الذهبي في الضعفاء وقال أحمد ويحيى ليس بشئ.