فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٢١٧
طريقته وسمته وسيرته من هدى هديه سار بسيرته وجرى على طريقته ويقال فلان حسن الهدي أي الطريقة والمذهب ومنه خبر اهتدوا بهدي عمار، وبضم ففتح فيهما وهو بمعنى الدعاء والرشاد ومنه * (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) * [الاسراء: 9] (إن هذا القرآن يهدي) [الاسراء: 9] وقال القاضي هو من تهادت المرأة في مشيها إذا تبخترت ولا يكاد يطلق إلا على طريقة حسنة وسنة مرضية ولامه للاستغراق لأن أفعل التفضيل لا يضاف إلا إلى متعدد وهو داخل فيه ولأنه لو لم يكن للاستغراق لم يفد المعنى المقصود وهو تفضيل دينه وسنته على جميع السنن والأديان (وشر الأمور محدثاتها) جمع محدثة بالفتح وهي كما سبق ما لم يعرف من كتاب ولا سنة ولا إجماع، قال القاضي روي شر الأمور بالنصب عطف على اسم إن وهو الأشهر وبالرفع عطف على محل إن مع اسمه (وكل بدعة ضلالة) أي وكل فعلة أحدثت على خلاف الشرع ضلالة لأن الحق فيما جاء به الشارع فما لا يرجع إليه يكون ضلالة إذ ليس بعد الحق إلا الضلال (وكل ضلالة في النار) فكل بدعة فيها وقد سبق ذا موضحا بما منه أن المراد بالمحدث الذي هو بدعة وضلالة ما لا أصل له في الشرع والحامل عليه مجرد شهوة أو إرادة بخلاف محدث له أصل فيه إما بحمل النظير على نظيره أو لغير ذلك وقوله وكل إلى آخره عام مخصوص (أتتكم الساعة بغتة) بنصبه على المفعولية وجوز رفعه قال في الكشاف الساعة القيامة سميت به لأنها تقوم في آخر ساعة من ساعات الدنيا أو لأنها تقع بغتة وبديهة كما تقول في ساعة لمن تستعجله، وجرت علما لها كالنجم للثريا والكوكب للزهرة (بعثت أنا والساعة هكذا) وقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى قال القاضي يحتمل أنه تمثيل لمقارنتها وأنه ليس إصبع أخرى كما لا شئ بينه وبين الساعة ويحتمل أنه تقريب لما بينهما في المدة وأن التفاوت بينهما كنسبة التفاوت بين الأصبعين تقريبا لا تحديدا (صبحتكم الساعة ومستكم) أي توقعوا قيامها فكأنكم بها وقد فجأتكم على بغتة صباحا أو مساء فبادروا إلى التوبة لتسقط عنكم المعاصي وازهدوا في الدنيا ليخف حسابكم وتذكروا الآخرة وأهوالها وما هو إلا من نفس إلى نفس فتصيرون إليها * (إنما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين) * [الانعام:
134] (أنا أولى بكل مؤمن من نفسه) أي أحق. كان إذا احتاج لنحو طعام وجب على صاحبه بذله له * (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) * [الأحزاب: 6] (من ترك مالا فلأهله) الذين يرثونه (ومن ترك دينا) عليه لم يوفه في حياته (أو ضياعا) بفتح الضاد أي عيالا وأطفالا (فإلي وعلي) أي فأمر كفاية عياله إلي وعلي قضاء دينه فهو لف ونشر غير مرتب (وأنا ولي المؤمنين) جميعا، كان المصطفى صلى الله عليه وسلم لا يصلي على مدين مات ولم يخلف وفاء زجرا للناس عن الاستدانة وإهمال الوفاء، فلما فتح الله تعالى على المسلمين قال: من ترك دينا فعلي وفاؤه أي قضاؤه وهل كان يقضيه تكرما أو وجوبا؟ وجهان الأصح الثاني ثم قيل إن ذا من خصائصه وقيل بل يقضي في كل زمن من المال وفيه أنه يسن أن يقال في الخطب أما بعد (حم م ن ه عن جابر) قال: كان رسول الله (ص) إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه كأنه منذر جيش يقول أما بعد إلى آخره.
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»