فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٢٣٢
1618 - (أم أيمن) بركة حاضنة المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم ودايته وهي أم أسامة بن زيد (أمي بعد أمي) أي في الاحترام وفي حضنها إياه فإن أمه ماتت وهو ابن ست أو سبع أو ثمان سنين فاحتضنته أم أيمن قال الزمخشري جعلها أما لأن الداية تدعى أما لقيامها مقام الأم انتهى، ماتت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة أشهر (ابن عساكر) في التاريخ في ترجمة أسامة بن زيد (عن سليمان بن أبي شيخ مرسلا معضلا) (1).
1619 - (أمتي يوم القيامة غر) بضم المعجمة وشد الراء جمع أغر أي ذووا غرة (من السجود) أي من أثر السجود في الصلاة، قال تعالى * (سيماهم في وجوههم من أثر السجود) * [الفتح: 29] نصب على الظرفية (محجلون من الوضوء) أي من أثر وضوئهم في الدنيا وقد سجدت الأمم قبلهم فلم يظهر على جباههم وتطهروا فلم يظهر على أطرافهم من ذلك شئ فتلك إشارة هذه الأمة في الموقف يعرفون بها. ذكره الحكيم، وهذا لا تدافع بينه وبين خبر الشيخين الآتي إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء، وما ذاك إلا لأن المؤمن يكسى في القيامة نورا من أثر السجود، ونورا من أثر الوضوء، نور على نور، فمن كان أكثر سجودا أو أكثر وضوءا في الدنيا كان وجهه أعظم ضياء وأشد إشراقا من غيره فيكونون فيه على مراتب من عظم النور والأنوار لا تتزاحم، ألا ترى أنه لو أدخل سراج في بيت ملأه نورا فإذا أدخل فيه آخر ثم آخر امتلأ بالنور من غير أن يزاحم الثاني الأول ولا الثالث الثاني وهكذا؟ والوضوء هنا بالضم وجوز ابن دقيق العيد الفتح على أنه الماء وجوز في من أن تكون سببية أو لابتداء الغاية قال الراغب والأمة كل جماعة يجمعهم أمر ما دين أو زمان أو مكان سواء كان الجامع تسخيرا أو اختيارا، وأصل الغرة لمعة بيضاء بجبهة الفرس ثم استعملت في الجمال والشهرة وطيب الذكر والمراد بها هنا النور الكائن في وجوه هذه الأمة والتحجيل بياض في ثلاث من قوائم الفرس أصله الحجل بكسر الحاء الخلخال والمراد به أيضا هنا النور ذكره جمع، وقال الأشرف غر جمع أغر وهو الأبيض الوجه والمحجل من الدواب ما قوائمه بيض مأخوذ من الحجل وهو القيد كأنه مقيد بالبياض وأصله في الخيل ومعناه إذا دعوا إلى الجنة كانوا على هذا الشبه وتمسك به الحليمي على أن الوضوء من خصائصنا وتعقبه الحافظ ابن حجر بأن في البخاري في قصة سارة قامت تتوضأ وتصلي وفي قصة جريج الراهب قام فتوضأ قال فالظاهر أن الخاص بنا الغرة والتحجيل لا أصل الوضوء قال: وقد صرح بذلك في رواية مسلم عن أبي هريرة مرفوعا قال سيما ليت لأحد غيركم وله من حديث حذيفة نحوه وقد اعترض بعضهم على الحليمي بخبر هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي، وهو

(1) هو ما سقط من اثنان من أي موضوع كان وإن تعددت المواضع سواء كان الساقط الصحابي أو التعابي أم غيرهما.
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»