فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ١٨٧
مع ما فيها من نيل الشهادة لأنها في الظاهر مصائب ومحن وبلاء كالأمراض السابقة المستعاذ منها، أما ترتب ثواب الشهادة عليها فللبناء على أنه تعالى يثيب المؤمن على المصائب كلها حتى الشوكة وكان الفرق بين الشهادة الحقيقية وبين هذه الشهادة أنها متمني كل مؤمن ومطلوبه وقد يجب عليه توخي بهجة الشهادة والتحري لها بخلاف التردي والحرق والغرق ونحوها فإنه يجب التحرز عنها ولو سعى فيها عصى (وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان) أي يصرعني ويلعب بي ويفسد ديني أو عقلي (عند الموت) بنزعاته التي تزل بها الأقدام وتصرع العقول والأحلام وقد يستولي على المرء عند فراق الدنيا فيضله أو يمنعه التوبة أو يعوقه عن الخروج عن مظلمة قبله أو يؤيسه من الرحمة أو يكره له الرحمة فيختم له بسوء والعياذ بالله وهذا تعليم للأمة فإن شيطانه أسلم ولا تسلط له ولا لغيره عليه بحال بل سائر الأنبياء على هذا المنوال، قال القاضي تخبيط الشيطان مجاز عن إضلاله وتسويله (وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبرا) عن الحق أو عن قتال الكفار حيث حرم الفرار وهذا تعليم للأمة (وأعوذ بك أن أموت لديغا) فعيل بمعنى مفعول واللدغ بدال مهملة وغين معجمة يستعمل في ذوات السم كحية وعقرب وبعين مهملة وذال معجمة يستعمل في الإحراق بنار كالكي وأما اللدع بمهملتين واللذغ بمعجمتين فما خلا عن ذكره زبر اللغة المتداولة كالصحاح واللسان والقاموس والأساس والمصباح (ن ك عن أبي اليسر) بمثناة تحتية وبسين مهملة مفتوحة وراء واسمه كعب بن عمر أسلم يوم الفتح وقتل يوم اليمامة سبعة منهم محكم اليمامة ورواه عنه أيضا أبو داود في الصلاة فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد النسائي به عن الستة غير صحيح.
1542 - (اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم) قال البيضاوي: وجه الله مجاز عن ذاته عز وجل تقول العرب أكرم الله وجهك بمعنى أكرمك والكريم الشريف النافع الذي لا ينفد عطاؤه (واسمك العظيم) أي الأعظم من كل شئ (من الكفر) بسائر أنواعه (والفقر) فقر المال أو فقر النفس على ما سبق، وذا تعليم لأمته قيل وهذا يعارض لا يسأل بوجه الله إلا الجنة وأجيب بأن الاستعاذة من الكفر سؤال الجنة (طب في السنة) أي في كتاب السنة له (عن عبد الرحمن بن أبي بكر) الصديق شقيق عائشة حضر بدرا مع الكفار ثم أسلم وكان من أشجع قريش وأرماهم بسهم تأخر إسلامه إلى قبيل الفتح وقال الهيثمي فيه من لم أعرفهم.
1543 - (اللهم لا يدركني زمان) أي أسألك أن لا يدركني زمان أي لا يلحقني ولا يصل إلي زمان أي عصر أو وقت (ولا تدركوا زمانا) يعني وأسأل الله أن لا تدركوا زمانا (لا يتبع فيه العليم) أي
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»