فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ١٨٠
1527 - (اللهم الطف) ارفق (بي في تيسير كل عسير) أي تسهيل كل صعب شديد (فإن تيسير كل عسير عليك يسير) فإنك خالق الكل ومقدر الجميع (وأسألك اليسر) أي سهولة الأمور وحسن انقيادها (والمعافاة في الدنيا والآخرة) قال الزمخشري المعافاة أن يعفو الرجل عن الناس وأن يعفوا هم عنه فلا يكون يوم القيامة قصاص مفاعلة من العفو وقيل هي أن يعافيك الله من الناس ويعافيهم منك وقيل يغنيهم عنك ويغنيك عنهم ويصرف أذاهم عنك وعكسه (طس عن أبي هريرة) قال لما وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم جعفر بن أبي طالب إلى الحبشة شيعه وزوده هذه الكلمات قال الهيثمي فيه من لم أعرفهم انتهى وأورده في الميزان في ترجمة عبد الله بن عبد الرحمن وقال إسناده مظلم.
1528 - (اللهم اعف عني) أي امح ذنوبي (فإنك عفو كريم) أي فإنك ذو فضل وذو كرم تحب الإفضال والإنعام والعفو الفضل ومنه * (قل العفو) * [البقرة: 219] أي الفضل وما لا يجهد المنفق إنفاقه أصله من عفو الشئ وهو كثرته ونماؤه ومنه * (حتى عفوا) * [الأعراف: 95] أي كثروا (طس عن أبي سعيد) الخدري قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال علمني دعاء أصيب به خيرا فقال ادن فدنا حتى كادت ركبته تمس ركبته فقال قل اللهم إلى آخره قال الهيثمي فيه يحيى بن ميمون التمار وهو متروك.
1529 - (اللهم طهر قلبي من النفاق) أي من إظهار خلاف ما في الباطن وهذا قاله تعليما لغيره كيف يدعو (وعملي من الرياء) بمثناة تحتية أي حب اطلاع الناس على عملي (ولساني من الكذب) ونحوه من الغيبة والنميمة زاد في الإحياء وفرجي من الزنا (وعيني) بالتثنية والإفراد (من الخيانة) أي النظر إلى ما لا يجوز (فإنك تعلم خائنة الأعين) مصدر بمعنى الخيانة أي الرمز بها أو النظرة بعد النظرة أو مسارقة النظر إلى ما نهى عنه أو تقديره الأعين الخائنة على التقديم (وما تخفي الصدور) أي الوسوسة أو ما تضمر من أمانة أو خيانة وهذا قاله المصطفى مع أن ذاته الشريفة جبلت على الطهارة ابتداء ونزعت من قلبه علقة الشيطان وأعين على شيطانه فأسلم تشريفا من قبيل قوله * (وثيابك فطهر) * [المدثر: 4] وكانت ثيابه طاهرة على كل تأويل لكن هذا مقتضى الحكمة في تكليف البشرية وهو عليه الصلاة والسلام المشرع المربي فعمل على ما تقتضيه البشرية (تنبيه) في هذا الخبر إيماء إلى الحث على تطهير القلوب التي هي محل نظر الحق قال القونوي وطهارة باطن الإنسان أعني قلبه بسبب قلة التعشقات والتعلقات أو ذهابها ما خلا تعلقه بالحق وبسبب قلة خواص الكثرة والصفات الإمكانية سيما أحكام مكانات الوسائط والسلامة من ضرب الأحكام والخواص المنبه عليها من قبل والمودعة في
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»