فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ١٣
وجماعة. وقال الأشرفي الظاهر يقتضي من سنتي بصيغة الجمع لكن الرواية بالإفراد وقال الطيبي: هو جنس شائع في أفراده وأحيا استعير للعمل بها وقوله (قد أميتت بعدي) أي تركت وهجرت استعارة أخرى وهي كالترشيح للاستعارة الأولى (كان له من الأجر مثل) أجر (من) أي كل إنسان مؤمن (عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا)، لما كانت الجهة استوجبت بها المسبب الأجر والجزاء غير التي استوجب بها المباشر لم ينقص أجره من أجره (ومن ابتدع بدعة ضلالة) قال الأشرفي: روي بالإضافة ويصح نصبه نعتا ومنعوتا وفيه إشارة إلى أن بعض البدع (1) غير ضلالة (لا يرضاها الله ورسوله) صفة شارحة لما قبلها (كان عليه مثل آثام من عمل بها) من الناس (لا ينقص ذلك من أوزار) جمع وزر وهو الإثم (الناس شيئا) قال البيضاوي: أفعال العباد وإن كانت غير موجبة ولا مقتضية لثواب ولا لعقاب بذاتها لكنه تعالى أجرى عادته بربط الثواب والعقاب بها ارتباط المسببات بأسبابها وفعل ما له تأثير في صدوره يوجه (ت) وكذا ابن ماجة (عن ابن عمرو بن عوف) الأنصاري البدري حسنه الترمذي ورواه المنذري بأن فيه الكثير بن عبد الله بن عمرو وهو متروك واه لكن للحديث شواهد كثيرة ترفعه إلى درجة الحسن.
1196 - (اعلموا أنه ليس منكم من أحد إلا مال وارثه أحب إليه من ماله) قال بعض المخاطبين وكيف ذلك يا رسول الله قال (مالك ما قدمت) أي صرفته في وجوه القرب فصار أمامك تجازى عليه بعد موتك في الآخرة (ومال وارثك ما أخرت) أي ما خلفته بعدك، فالذي تخلفه بعدك إنما هو لوارثك لهذا قال بعض العارفين قدموا بعضا ليكون لكم ولا تخلفوا كلا ليكون عليكم قال الماوردي: وروي عن عائشة. قالت: ذبحنا شاة فتصدقنا بها فقلت: يا رسول الله، ما بقي منها إلا كتفها قال: كلها بقي إلا كتفها فالحازم، من عمد إلى ما زاد عن كفايته فيرى انتهاز الفرصة فيها فيضعها بحيث تكون له ذخرا معدا وغما مستجدا. ومن يدخر المال لولده ونحوه من ورثته إشفاقا عليه من كد الطلب وسوء المنقلب استحق الذم واللوم من وجوه منها سوء الظن بخالقه في أنه لا يرزقهم إلا من جهته والثقة ببقاء ذلك على ولده مع غدر الزمان ومحنه ومنها ما حرم من منافع ماله وسلب من وفور حاله وقد قيل إنما مالك لك أو لوارثك أو للجانحة فلا تكن أشقى الثلاثة، ومنها ما لحقه من شقاء حمقه وناله من عناء كده حتى صار ساعيا محروما وجاهدا مذموما ومن ثم قالوا: رب مغبوط بمسرة هي داؤه ومحزون من سقم هو شفاؤه ومنها ما يؤخذ به من وزره وآثامه ويحاسب عليه من شقائه وإجرامه، وكما حكي أن هشام بن عبد الملك لما ثقل بكى عليه ولده فقال: جاد لكم هشام

(1) أي في العادات، وأما في العبادات فهي ضلالة قطعا للجمع بين النصوص.
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»