فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٧
الوقت (أعظم أجرا من الذي يصليها) في وقت الاختيار وحده أو مع الإمام بغير انتظار (ثم ينام) فكما أن بعد المكان مؤثر في زيادة الأجر، فكذا طول الزمن للمشقة. وفائدة ثم ينام الإشارة إلى الاستراحة المقابلة للمشقة التي في ضمن الانتظار ذكره جمع وقال الطيبي في قوله ثم ينام جعل عدم انتظاره نوما فيكون المنتظر وإن نام يقظان لأنه مراقب للوقت كمرابط منتهز فرصة المجاهدة، وهذا بتضييع تلك الأوقات كالنائم فهو كأجير أدى ما عليه من العمل ثم مضى لسبيله (ق) في الصلاة (عن أبي موسى) الأشعري (ه عن أبي هريرة) قال أبو موسى: أراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد فذكره.
1185 - (أعظم الناس هما) أي حزنا وغما، وعزما وقوة (المؤمن)، أي الكامل إذ هو الذي (يهتم بأمر دنياه) أي بتحصيل ما يقوم بمؤنته ومؤنة ممونه (وبأمر آخرته) من القيام بالطاعات وتجنب الحرام والشبهات فإن راعى دنياه أضر بآخرته وإن راعى آخرته أضر بأمر دنياه إذ هما ضرتان فاهتمامه بأموره الدنيوية بحيث لا يخل بشئ من المطلوبات الأخروية صعب عسير إلا على من سهله الله عليه ولا يعارضه الأخبار الواردة بذم الدنيا ولعنها وإن الدراهم والدنانير مهلكة لأن الكلام هنا في الاهتمام لما لابد منه في مؤنة نفسه ومن يعوله، وذلك محبوب بل واجب فهو في الحقيقة من أمر الآخرة وإن كان من الدنيا صورة (ه عن أنس) وفيه يزيد الرقاشي قال في الميزان عن النسائي وغيره متروك وعن شعبة لأن أزني أحب إلي من أحدث عنه انتهى ورواه باللفظ المزبور عن أنس أيضا البخاري في الضعفاء وكان ينبغي للمصنف ذكره للتقوية وبه يصير حسنا لغيره.
1186 - (أعظم الناس حقا على المرأة زوجها) حتى لو كان به قرحة فلحستها ما قامت بحقه، ولو أمر أحد أن يسجد لأحد لأمرت بالسجود له فيجب أن لا تخونه في نفسها ومالها، وأن لا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب، وأن لا تخرج إلا بإذنه ولو لجنازة أبويها. (وأعظم الناس حقا على الرجل) يعني الإنسان ولو أنثى فذكر الرجل وصف طردي (أمه) فحقها في الآكدية فوق حق الأب لما قاسته من المتاعب والشدائد في الحمل والولادة والحضانة ولأنها أشفق وأرأف من الأب فهي بمزيد البر أحق. (تنبيه): قال بلال الخواص كنت في تيه بني إسرائيل فإذا رجل يماشيني فألهمت أنه الخضر، فقلت: بحق الحق من أنت؟ قال الخضر، قلت: ما تقول في مالك بن أنس؟ قال إمام الأئمة: قلت فالشافعي قال: من الأوتاد، قلت فأحمد قال صديق، قلت فبشر. قال: لم يخلف بعده مثله، قلت بأي وسيلة رأيتك؟ قال ببرك لأمك وفيه أنه يلزم الرجل عند ضيق النفقة تقديم أمه على أبيه (ك عن عائشة) وقال صحيح، وأقره الذهبي ورواه عنه أيضا البزار وغيره.
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»