بين القلب والطغيان وقال الحكماء من ذكر المنية نسي الأمنية وقال الحافظ وجد مكتوبا على حجر لو رأيت يسير ما بقي من عمرك لزهدت في ما ترجو من أملك ولرغبت في الزيادة من عملك وأقصرت من حرصك وحيلك وإنما يلقاك غدا ندمك لو قد زلت بك قدمك وأسلمك أهلك وحشمك وتبرأ منك القريب وانصرف عنك الحبيب وقال التميمي: شيئان قطعا عني لذة النوم ذكر الموت والوقوف بين يدي الله عز وجل وكان عمر بن عبد العزيز يجمع الفقراء فيتذكرون الموت والقيامة والآخرة فيبكون حتى كأن بين أيديهم جنازة وكان النووي إذا ذكر الموت لا ينتفع به أياما فإن سئل عن شئ قال لا أدري لا أدري وذكر عند المصطفى صلى الله عليه وسلم رجل فأثنى عليه فقال كيف ذكره للموت فلم يذكر ذلك منه فقال ما هو كما تقولون وقال اللفاف: من أكثر ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة وقناعة القلب ونشاط العبادة ومن نسيه عوقب بثلاثة أشياء تسويف التوبة وترك الرضا بالكفاف والتكاسل في العبادة فتفكر يا مغرور في الموت وسكرته وصعوبة كأسه ومرارته فيا للموت من وعد ما أصدقه ومن حاكم ما أعدله فكفى بالموت مفرحا للقلوب ومبكيا للعيون ومفرقا للجماعة وهادما للذات وقاطعا للأمنيات (هب عن ابن عمر) بن الخطاب قال: مر النبي صلى الله وسلم بمجلس من مجالس الأنصار وهم يمزحون ويضحكون فذكره رمز المصنف لحسنه والأمر بخلافه فقد قال ابن الجوزي حديث لا يثبت.
1400 - (أكثروا ذكر هاذم) بذال معجمة قاطع وبمهملة مزيل وليس مرادا هنا كذا في روض السهيلي، قال ابن حجر وفي ذا النفي نظر (اللذات) الموت (فإنه لم يذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه عليه ولا ذكره في سعة إلا ضيقها عليه) قال العسكري: لو فكر البلغاء في قول المصطفى صلى الله عليه وسلم ذلك لعلموا أنه أتى بهذا القليل على كل ما قيل في ذكر الموت ووصف به نظما ونثرا ولهذا كان عيسى عليه السلام إذا ذكر عنده الموت يقطر جلده دما قيل ولا يدخل ذكر الموت بيتا إلا رضي أهله بما قسم لهم وقال أبو نواس.
ألا يا ابن الذين فنوا وماتوا * * أما والله ما ماتوا لتبقى وقال أبو حمزة الخراساني من أكثر ذكر الموت حبب إليه كل باق وبغض إليه كل فان، وقال القرطبي: ذكر الموت يورث استشعار الانزعاج عن هذه الدار الفانية والتوجه في كل لحظة إلى الآخرة الباقية ثم إن الإنسان لا ينفك عن حالين ضيق وسعة ونعمة ومحنة فإن كان في حال ضيق ومحنة فذكر الموت يسهل عليه ما هو فيه من الاغترار بها والركون إليها. وقال الغزالي: الموت خطر هائل وخطب عظيم وغفلة الناس عنه لقلة فكرهم فيه وذكرهم له ومن يذكره ليس يذكره بقلب فارغ بل مشغول بالشهوات فلا ينجع ذكره فيه فالطريق أن يفرغ قلبه عن كل شئ إلا ذكر الموت الذي هو بين يديه كمن يريد السفر فإذا باشر ذكر الموت قلبه أثر فيه فيقل حركته وفرحه بالدنيا وينكسر قلبه وأنفع طريق فيه